- صاحب المنشور: إحسان الدرقاوي
ملخص النقاش:
في عصر تتصارع فيه البلدان مع الضغوط الاقتصادية المتزايدة والمطالب الاجتماعية المتنوعة، يبرز دور الحكومات كولي للموازنة الدقيقة بين الاحتياجات الأساسية لمجتمعاتها. أحد أكثر هذه الاحتياجات شهرة وتأثيراً هو الصراع المستمر حول كيفية تقسيم مواردها المالية بين قطاعي التعليم والصحة. هذا النقاش ليس مجرد نقاش أكاديمي؛ بل هو مسألة حياة أو موت لأعداد لا تعد ولا تحصى من المواطنين الذين يعانون يومياً جراء عدم توفر الخدمات الطبية الجيدة والمنظومات التعليمية الفعّالة.
إن القدرة على تقديم خدمات صحية عالية الجودة تعني استهداف ومكافحة الأمراض المعدية والحفاظ على الصحة العامة وزيادة متوسط العمر المتوقع. تتطلب هذه المهمّة ضخامة الاستثمارات في البنية التحتية الطبية مثل المستشفيات والمرافق الصحية الريفية والأطباء والمعدّات الحديثة. علاوة على ذلك، تشمل رعاية الأفراد خلال مراحل حياتهم المختلفة، بدايةً بالفحوصات الوقائية للأطفال وحتى الرعايات الخاصة بأمراض وكبار السن - كل ذلك يتطلب دعماً مالياً مستداماً وقوى بشرية مدربة جيدًا ومتخصصة.
ومن جهة أخرى يُعتبر قطاع التعليم أساس التحضر والتطور الاجتماعي والثقافي للدولة. فبناء مدرسة جديدة أو إعادة تأهيل واحدة قائمة قد يبدو أمراً عادياً لمنظر المشهد الخارجي لكنه محفوف بالتحديات عندما نتعمق في تفاصيل العملية برمتها والتي تبدأ بتدريب المعلمين المؤهلين وانتهاء بإمدادات الكتب المدرسية وغيرها مما يلزم لبيئة تعليمية فعّالة.
ولكن كيف يمكن تحقيق توازن مثالي لهذه القطاعات الحيوية؟ إن الحل يكمن غالباً في تبني نهج طويل المدى قائمٌ على تحديد الأولويات بناءً على احتياجات المجتمع المحلي واستخدام البيانات والإحصائيات لتحسين القرارات المصرفية بهدف توجيه تلك الموارد نحو المجالات الأكثر حاجة وبالتالي تحسين التأثير العام لكل استثمار. وهذا يعني أيضاً أنه ينبغي النظر إلى هذين الجانبين كتكامل وليس تنافساً وأن العمل سوياً سيؤدي لصالح البلد والشعب.
وفي الختام، فإن ترسيخ نظام متوازن لدفع عجلتي الاقتصاد والبشر يستوجب فهم حقيقي للواقع الحالي للمجتمع ولما يحقق مصلحته بصورة أفضل ومستقبلية أيضا . وفي حين تتجه معظم الدول نحو زيادة الإنفاق بنسبة ثابتة سنوياً لكلا القطاعين إلا أنها مازالت تواجه نقص كبير مقارنة باحتياجاتهما العالية حالياً نظراً للتضخم السكاني العالمي وكذلك ظهور امراض وعوامل بيئية جديدة تستدعي تدخل طبِّي مباشر لحماية أفراد الأجيال القادمة.