- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
التطورات الهائلة التي حققتها تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) خلال العقود القليلة الماضية قد أثارت نقاشا حاسما بشأن تأثيرها المحتمل على مستقبل سوق العمل العالمي. حيث يرى بعض الخبراء والمحللين الاقتصاديين أن AI سوف تتسبب في تحويل جذري لطبيعة الأعمال ولأنواع الوظائف المتاحة للمستهلكين، بينما يشعر آخرون بالقلق من أنها ستؤدي إلى فقدان كبير للوظائف التقليدية وزيادة البطالة. هذا النقاش المعقد له عدة جوانب سنناقش ثلاثة منها: الاستبدال الكمي لبعض الوظائف، فرص خلق وظائف جديدة واستخداماتها الجديدة، والتداعيات الاجتماعية والاقتصادية الأوسع نطاقًا.
الأول - الاستبدال الكمي لبعض الوظائف
تُظهر دراسات عديدة أن العديد من الوظائف يمكن تحديث أو استبدال مؤهلاتهم باستخدام البرمجيات المدربة بتقنية التعلم الآلي والذكاء الصناعي، مما يؤثر خصوصا على مجالات مثل خدمة العملاء والمبيعات والإدارة البسيطة وغيرها من المهام الرتيبة ذات الطابع الروتيني. ففي عام 2019، أفادت شركة Gartner أن نحو %77 من الشركات كانت تعتزم استخدام تكنولوجيا الرؤية الحاسوبية بحلول العام الحالي، والتي تستطيع التعرف على المنتجات والأشخاص وتحليل البيانات المرئية بأعلى دقة بكثير من البشر. وهذا يعني أنه حتى لو ظل هناك حاجة لأفراد بشر لإكمال هذه المهام، فإن هؤلاء الأفراد سيحتاجون إلى مهارات أعلى وأكثر تعقيدا لمواكبة التحول التكنولوجي المستمر.
الثاني - فرص خلق وظائف جديدة والاستخدامات الجديدة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
ورغم المخاوف المثارة حول خسارة الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة. إذ تعمل موجتا الثورة الرقمية والثورة الخامسة حاليا جنبا إلى جنب مع ذكاء اصطناعي متطور لتحقيق نتائج غير مسبوقة. فعلى سبيل المثال، تتنبأ الدراسات بإحداث طفرة في مجال الطب عبر تحسين الفحص التشخيصي الدقيق للأمراض باستخدام بيانات الصور الطبية، كما تساهم تطويرات الذكاء الاصطناعي في إنتاج نماذج ثلاثية الأبعاد مفصلة للغاية داخل بيئات تصميم الهندسة والبناء. وفي قطاع التعليم أيضاً، يستخدم بعض الأساتذة الآن أدوات تدريس مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة الطلاب الذين يعانون أكاديمياً بالإضافة إلى تقديم تجارب تعلم شخصية لكل طالب بناءاً على مستوى فهمه ومعدلات سرعته الخاصة. وبالتالي، لن تخلق هذه الاتجاهات الجديدة مجرد وظائف لحاملي المؤهلات العليا ولكن أيضا توفر طرق مبتكرة لدعم احتياجات المجتمع المحلية المحورية.
الثالث - التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الأوسع نطاقا
وفي السياق الاجتماعي والاقتصادي الأكبر، فإنه سيكون هناك ضرورة أكبر للتكيف المبكر والفعال لاستيعاب تأثيرات الذكاء الاصطناعي قبل تفاقمه بشكل سلبي. ويجب التركيز على رفع جودة المهارات الشخصية وإكساب الناس القدرات المعرفية اللازمة للحفاظ على قدرتهم التنافسية أمام آلات متزايدة التعقيد كل يوم. ومن أجل تحقيق ذلك، تحتاج الحكومات والشركات والحكومات الذاتية والتجمعات المجتمعية المحلية جميعا للاستثمار في برامج إعادة التأهيل التدريبي والاستراتيجيات الجديدة لصناعة المزيد من الفرص العملية للأجيال المقبلة. إضافة لذلك، يتوجب الانتباه جيدًا لجوانب أخرى مثل العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين أثناء التنفيذ؛ لأن عدم ضمان الحقوق والمعاملة العادلة هنا قد يقود ﻷضرار اجتماعية كبيرة يصعب حلها لاحقا.
وعلى الرغم من وجود خيارات مختلفة عند مواجهة آثار الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، إلّا انه يتطلب الكثير من التحضير للمستقبل إن كنا نهتم بحماية حقوق شعوبنا اقتصاديًا واجتماعيًا