- صاحب المنشور: فريد بن ناصر
ملخص النقاش:
تعتبر العلاقة بين الدين والعلوم موضوعًا مثيرًا للجدل طوال التاريخ الإنساني. يرى البعض أنها متعارضان بشكل جذري، بينما يؤكد الآخرون على التكامل والتكامل الطبيعي لهما. هذه الورقة ستستكشف هذا الموضوع بتعمق، تتفحص الآراء المختلفة وتعرض الأدلة والدلائل التي تساهم في توضيح طبيعة ومجالات تقاطع هذين المجاليْن المهمَّيَّنيْن.
في المجتمع الإسلامي تحديدًا، يعزز الدين قيم المعرفة العلمية والبحث الفكري منذ نشأة الحضارة الإسلامية الأولى. القرآن الكريم يشجع على البحث والاستطلاع بغرض فهم الخلق الكوني، حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ" (سورة آل عمران، آية 190). كما دعم الصحابة رضي الله عنهم العلوم الدنيوية والعقلانية، مما أدى إلى ازدهار علم الفلك، الرياضيات، الطب والفلسفة خلال عصر النهضة الإسلامية الذهبي.
مع ذلك، شهد القرن الماضي نقاشًا حادًّا حول مدى توافق الدين مع العلم الحديث. بعض الأصوات الصاخبة من داخل وخارج العالم العربي والإسلامي حاولوا تصنيف أي تناقض محتمل كدليل على عدم صدقية الدين أو جهل المسلمين تجاه العلوم الحديثة. لكن الواقع أكثر تعقيدًا ويحتاج لتحليل نقدي مفصل.
أولاً، ينبغي التأكيد أنه ليس هناك تناقض ضروري أو مطلق بين الدين والعلوم؛ فالأساس الذي يقوم عليه كل منهما مختلف تمام الاختلاف. يتناول العلم الظواهر المادية وقوانينها بإطار تجريبي محدد، أما الدين فهو يهتم بالأخلاق والقيم الروحية والمعنويات المرتبطة بالوجود الإنساني والشؤون الأخروية. بالتالي فإن الاستغراب الأولي لم يكن إلا نتيجة سوء فهْم لهذا الفرق الأساسي بينهما.
ثانياً، العديد ممن يحاولون إحداث انقطاع مصطنع بين الدين والعلوم غالبًا ما يتميز بجهلهم بمبادئ كلا النظاميتين الأمثل. إن القراءة المتحيزة للنصوص المقدسة لدى بعض المفسرين المسلمين تؤدي لفهم أحادي الجانب وقد يغفل عن السياقات الزمانية والمكانية الأصلية لهذه النصوص والتي ربما كانت مناسبتها آنذاك ولكن تبدلت الأحوال لاحقا لتكون غير موافقة لحالة حالنا الحالي وغير قابله للتطبيق عمليا بدون تعديل مناسب وجديد مستندٌ بسياقه وزمانه أيضًا! وهذا يقودنا لنقاط أخرى وهي أهميتها نسبيه لكل زمان ومكان حسب الظروف والنظر للفائدة المحتملة سواء كانت ماديه ام روحيّة . وفي ذات الوقت نعلم جميعا بأن العقائد والحكم الشرعية ثابتة ولا تتغيير بمرور الدهر بل تبقى ثابتة مثل ثبوت عرش الرحمن جل وعلا فوق الماء بلا دعامات ، وكذلك الثواب والعقاب والأوامر والنواهي وهذه هي جوهر الرسائل الإلهية عبر التاريخ وكل منها جاء مكمل لما قبلها وبالتالي فهي