- صاحب المنشور: عروسي بن بكري
ملخص النقاش:
تُعدّ فكرة دمج الدين والمجتمع الديمقراطي موضوعًا مثيرًا للجدل بين المسلمين وغيرهم حول العالم. يرى البعض أن هذين النظامين متعارضان بطبيعتهما، بينما يؤكد آخرون أنه يمكن تحقيق توافق ناجح بينهما. ينبع هذا الجدل أساسًا من فهم مختلف لجوهر كل منهما وأهدافه. في الإسلام، يُعتبر الحكم بالشريعة الإسلامية واجبًا على المؤمن، فيما تركز الديمقراطية على سيادة الشعب وانتخاب المسؤولين عبر انتخابات حرة. يستكشف هذا المقال كيفية تعايش هذه الأيديولوجيات المتباينة مع شرح وجهات النظر المختلفة وتقييم فرص النجاح المحتملة لهذا التوازن.
**1. تعريف الإسلام والديمقراطية**
في جوهره، يدعو الإسلام إلى نظام حكم قائم على الشريعة الواردة في القرآن والسنة، مصدري التشريع الأساسيين للمسلمين. تتناول الشريعة جوانب الحياة كافة منها القانوني والأخلاقي والأعمالي، مما يعني تطبيقها في جميع نواحي المجتمع والحياة السياسية. أما الديمقراطية فهي نموذج للحكم يتميز بسيادتها للشعب وبإجراء الانتخابات العامة الفردية الحرة كوسيلة لتحديد الحكام المنتخبين الذين يحلون محل الحكومات القائمة. تشمل الديمقراطية أيضًا حقوق الإنسان والحريات المدنية مثل حرية التعبير والتجمع، والتي تعتبر أمرًا ضروريًا لحماية وحفظ التنويعات الثقافية والمعتقدية داخل مجتمع متنوع.
**2. نقاط الاتفاق والاختلاف**:
على الرغم من الاختلافات الواضحة بين الإسلام والديمقراطية، هناك بعض المجالات التي قد يتداخلان فيها:
* تشجيع العدالة الاجتماعية: يهتم كلا النظامين بتوفير حياة عادلة للمواطنين وضمان رفاهتهم الاقتصادية والاجتماعية. وهذا يشمل مكافحة الظلم، ومنع الاستغلال، وتعزيز المصالح المشتركة للأمة.
* التعددية واحترام الرأي الآخر: رغم اختلاف آلياتها العملية، تؤكد الأديان والفلسفات المعاصرة على أهمية احترام الحقوق المكتسبة والمساواة أمام القانون. ويعترف المسلمون بأهل الكتاب - اليهود والنصارى – باعتبارهم أقلية محمية وفقا لما ورد في القرآن الكريم (
* المشارَكة الشعبية: يسعى الإسلام لدفع الناس نحو المشاركة الإيجابية في شؤون حياتهم اليومية وفي صنع القرارات المحلية والإقليمية. فالقرآن يدعو إلى مراعاة رأي أهل الخبرة والمعرفة عند اتخاذ قرار بشأن أي مسألة اجتماعية أو اقتصادية أو قانونية ([الشورى :38]). وقد كانت البيعة جزءا من النظام السياسي الذي كان معمول به أيام الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان يعرض أموره على الصحابة رضي الله عنهم للاستشارة والاستخلاف بناء على مواهبهم وخبرتهم وخوفهم على الإسلام والعرب. كذلك فقد أكرم الله تعالى كثير من النساء واستشارهن واستخلفهن في إدارة إدارة الأموال والبناء وغير ذلك الكثير ممّا يكشف اهتمام الشرع بإتاحة الفرصة للمشاركة الفاعلة الجميع بغض النظر عن الجنس أو السن طالما توفر الكفاية والقدرة اللازمة لإنجاز المهمات المناطة بهم.
وعلى الجانب الآخر، هناك تناقضات عميقة بين السياقات والقواعد الخاصة بالإسلام والديمقراطية الغربية:
* مصادر السلطة: إذ تتمثل سلطة الحكومة الديمقراطية في تصويت الأغلبية، بينما تقوم شرعية الدولة الإسلامية على أحكام الشرع المطهرة المستمدة مباشرة من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا الاختلاف جذري لأن طبيعة الحكم ومصدر سلطاته تخضع لشروط مختلفة تمامًا في كلتا