- صاحب المنشور: شمس الدين بن زيدان
ملخص النقاش:
في ظل التغيرات العالمية المتسارعة، يواجه عالم التعليم الجامعي تحديات متعددة تأخذ طابعًا خاصًا عندما يتعلق الأمر بالمجتمعات الإسلامية. هذه الأمة التي كانت رائدةً تاريخيًا في الحضارة والعلم تواجه اليوم مسؤولية كبيرة تتمثل في مواكبة الاحتياجات المعاصرة مع الالتزام بإرثها الثقافي والإسلامي الفريد. وفي هذا السياق، يمكن تحديد عدة قضايا رئيسية تتطلب حواراً ومناقشة مكثفة لضمان مستقبل مزدهر للتعليم العالي داخل المجتمعات المسلمة.
1. الموازنة بين القيم والمعرفة الحديثة
تعتبر الديناميكية الأساسية لتوجيه المؤسسات الأكاديمية نحو تحقيق غايتين محددة هما تقديم معرفة عالية الجودة والحفاظ على الأخلاق والقيم الدينية أمرًا حيويًّا. كثيرٌ من الباحثين والمفكرين المسلمين يشددون على ضرورة التأكد بأن التعليم الجامعي يحترم ويحتفل بتعاليم القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة بينما يستوعب أيضًا أفضل ما توصل إليه العلم الحديث. فمثلاً، كيف نضمن أن يتم تدريس علوم الطب والبيولوجيا وغيرها بطريقة تعترف بقيمة الحياة البشرية كما حددتها التعاليم الإسلامية؟ وكيف نتماشى بين حرية البحث والعلمانية -الغالبان حالياً في الغرب- والدور الذي يرغب به الإسلام كدين شامل للحياة؟
2. الاستدامة المالية والتطوير المستمر للأبحاث
تكمن إحدى أكبر العقبات أمام تطوير نظام تعليم عالي نابض بالحياة ضمن البيئة الإسلامية فيما يتعلق باستراتيجيات التمويل والاستثمار فيها. إن توفير الموارد اللازمة للمؤسسات الأكاديمية ليس بالأمر الهين خاصة عند وجود نقص كبير نسبياً بالميزانيات الحكومية مقارنة ببقية العالم المتقدم مما يؤدي إلى اعتماد جامعاتنا بشكل ملحوظ على منح دراسية وقروض الطلاب والخيري الخيرجانات الخارجية والتي قد تكون مرتبطة بشروط سياسية أو ثقافية مختلفة. بالإضافة لذلك، فإن بناء وتعزيز قدرة بحثية تنافسية بحاجة لدعم غير محدود ومستدام لفريق العمل الأكاديميين وصرف جيد لأموال البحث العلمي لتحقيق نتائج مؤثرة تساهم بالإنجازات العلمية العالمية وليس مجرد نسخ نظريات وجدت بالفعل خارج حدود مجتمعتنا المحلية.
3. الانفتاح العالمي وتبادل الخبرات
إن التركيز الشديد المحلي وطول الفترة التي قضيناها بعيدًا عن الرؤية الواسعة للعالم أدى بنا للإغفال بعض جوانبنا الناعمة والشاملة في المناظرة الدولية الأكاديمية وبالتالي فقدان موقع ريادي محتمل لنا كمصدر ثري للمعارف التقليدية والفلسفية والثقافية الأصيلة لدى العرب والمسلمين عبر التاريخ والذي كان سبباً رئيسياً لازدهارهم السابق أيضاً! ولذلك بات مطلوباً الآن إعادة النظر بمفهوم "العالم العربي" نفسه واستبداله بفكرة جديدة أقرب لمسمى "المجتمع الاسلامي المعرفي" الموحد تحت راية مشتركة تمكنه مجدداً من احتلال مكانته الطبيعية وسط حركة البحث العلمي الحر الآخذة بالتوسع بسرعة مذهلة. ولم يعد بوسع أي دولة مسلمة تجاهل أهميتها في منظومة العلاقات الثنائية ومتعددة الاطراف حيث تبادل المعلومات والخبرات هو مفتاح نجاح مشاريع مثل جامعة الدول العربية الجديدة وعبر شبكات البحوث العملاقة العالمية الأخرى أيضاً كالجامعة الأمريكية المفتوحة مثلاً وغيرها الكثير ممن ستوفر فرص فريدة لإحداث نوع جديد ومنظم وشامل للتواصل العلماني الصحي بين الشعوب المختلفة حول العالم والذي يدفع الجميع دفعاً نحو تقدم ذات سلطة فعلية لكن بدون فرض نفسها فرضاً وابتعاد عنها هيبتها واحترامتها لشرائع وفرائض كلام الله عز وجل المنقول لنا بواسطة الرسول الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فهو صاحب رسالة سامية أخاذة لكل ذي قلب حاضر وعقل مدرك نورانه وإرشاده الكامل لحياة سعيدة مستقرة وآمنة مهداة بها جميع نفوس المؤمنين المنتسبين إليها يوم القيامة ان شاء الله تعالى جل جلالُه ولا يُنتَظر