حرص الإمام مسلم بن الحجاج القشيري، مؤلف "صحيح مسلم"، بشكل كبير على دقة وصحة النصوص عند توثيق الأحاديث النبوية. وقد اتسم منهجه بدقة ملاحظة وفهرسة دقيقة للألفاظ والكلمات المرتبطة بكل حديث. وهذا تميزه عن العديد من علماء الحديث الآخرين الذين ربما كانوا أقل تعنتاً تجاه تقبل الروايات بالمعنى.
على الرغم من ذلك، فإن المسألة ليست بسيطة كما يبدو. فقد كانت هناك حالات تاريخية حيث قبل العلماء القدامى مثل الإمام مسلم نفسه، رغم تحفظاته المعتادة، الروايات التي تعتمد على "التفسير" أو "المعنى". ومع مرور الوقت وتغير الظروف، ظهرت خلافات حول مدى قبول هذه الطريقة في التحديث. إلا أن هؤلاء الخلافيين لم يقصدوا أبداً التقليل من قيمة الأعمال التاريخية لعلماء سابقين بما فيها أعمال الإمام مسلم. فهم كانوا فقط يشيرون إلى أهمية الاتفاق العام لفترة معينة بشأن أساليب العمل.
يكمن مفتاح تفهم ملاحظات الإمام مسلم ومواقفه حول الموضوع في قوله: "قد يكون الواقع أن شخصاً ما قد نقل خبرًا بدون إمكانية معرفتنا للتحديد الدقيق لكيفية الحصول عليه؛ ولكن هذا الشخص معروف بثقافته وقدرته الاعتيادية في تلقي الأخبار." لذا، حتى عندما نفترض وجود حالة واحدة يقبل بها الإمام مسلم الرواية بالمعنى، فهو يقوم بذلك بناءً على ثقتِه الراسخة بمصدقية الراوي وقدرته على التقاط روح الحديث الأصلي حتى وإن اختلفت الصياغات.
في النهاية، يعد نهج الإمام مسلم في تدوين الأحاديث النبوية خطوة مهمة نحو تطوير علم الحديث الشريف وتعزيز صحته ودقته.