"النظام الملكي السعودي…عظم وغضاريف"
_
السؤال من زود ماهو مزعج وغير وارد أصلاً…الناس استنكرته واشمئزت منه…لكنه يبقى سؤال طبيعي…وأعتقد الإجابة عليه جاءت متواضعة وتقليدية "مع احترامي للضيف العزيز"
_
أفضل إجابة على السؤال كانت من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلته مع مجلة أتلانتيك عام 2022
_
وفي هذا الثريد راح أضع إجابة على السؤال من وجهة نظري ربطاً بالتاريخ وبالواقع والمستقبل…وربطاً بإجابات الأمير في مقابلة أتلانتيك
=
- العدل أساس الملك:
أنظمة الحكم على مر التاريخ قائمة على الموازنة بين الرعاية والجباية…رعاية الشعوب وجباية الزكاة/الضرائب منهم…ومنذ نشأة الدولة السعودية الأولى وأسرة آل سعود تنظر للحكم من منظور الرعاية وليس فقط الجباية…بخلاف الأنظمة الغازية الي جاءت من الخارج مثل العثمانيين أو حتى أحياناً من الداخل مثل بعض الفرسان وزعماء القبائل الي فشلوا في إحكام السيطرة على إدارة رعاياهم والي اهتموا بالجباية أكثر من الرعاية
وكثيراً ما رجحت كفة الرعاية في أكثر من حقبة لدرجة أن آل سعود استشهدوا على أسوار الدرعية وسالت دماءهم دون شعبهم في الدولة السعودية الأولى وكانت مفاوضاتهم مع الترك كلها تدور حول حماية الأرواح وعدم التعرض للرعايا خصوصاً النساء والأطفال وممتلكات المسلمين…ولدرجة أن الملك عبدالعزيز في الدولة السعودية الثالثة صار يلقب بين خصومه قبل حلفاءه بلقب "معزي" لأنه عندما يضطر لمواجهة خصومه وينال منهم…يذهب مباشرة لتعزية ورثته ويهتم بشؤونهم ويرعى ظروف معيشتهم…كانوا ولازالوا ينظرون أنهم هم الشعب…والشعب هم…حتى تغلغلت وانعكست هذه الخصلة على كل شيء…وغُرست في كل مكان للدرجة التي لا يمكنك أن تغرس شيء آخر لأن الأرض نفسها تحولت مكوناتها إلى عناصر سعودية وستنبذ ماهو غير سعودي
- جزيرة العرب تاريخياً:
نقطة مهمة يغفل عنها الكثيرون…النظام السعودي جاء بعد قرون طويلة انقطع فيها الحكم المدني عن جزيرة العرب "المقصود بالمدني عكس الاستعماري أو العسكري"…فقبل الإسلام بقرون كانت بدون دولة وطنية بنظام حكم مدني جامع…ثم في فترة النبوة والخلافة الراشدة اجتمع عرب الجزيرة على نظام حكم الخلافة والدولة الإسلامية العربية…وبعد مقتل عثمان رضي الله عنه…ذهب مركز الحكم إلى الشام والعراق في الدولتين الأموية والعباسية…حتى آثار عرب الجزيرة وانتماءاتهم الوطنية التاريخية ومفاخرهم الحضارية كانت مرتبطة بمواقع خارج جزيرتهم المهجورة…إما في الأندلس أو الشام أو غيرها من بلدان الفتوحات…علاقة الإنسان العربي بالجزيرة العربية قائمة فقط على وجود الحرمين كإرث حضاري يفتخر به على أرضه…أما غيرها من المواقع والثقافات وأنظمة الحكم كلها كانت من خارج جزيرته…وحتى مفخرة الحرمين سُلبت منه وشوهت ولايته عليها من قبل الشعوبيين الذين وصموا العرب بأبشع الأوصاف فقط لينزعوا عنهم استحقاق الرسالة المحمدية عرقاً ومكاناً…وعندما قامت الدولة السعودية كنظام حكم مدني…اجتمع حولها كافة المكونات الاجتماعية وأصبحت هي أول نظام حكم عربي بحت في جزيرة العرب منذ انتهاء فترة الخلافة الراشدة…وارتبطت ذاكرة عرب الجزيرة بثقافة هذه الدولة من مباني وطرقات ولهجات وأهازيج وقصائد وأوقاف ومعاهدات وبروتوكولات وعادات وتقاليد وحدود وغزوات وخدمة الحرمين وحماية الحجاج…وأصبحت مفاخر ابن الجزيرة مرتبطة بشكل مباشر وغير مباشر بنظام الحكم المدني الذي انطلق من جزيرته…فمحاولة طمس النظام السعودي هي في واقع الأمر محاولة طمس ابن الجزيرة نفسه…الذي إن أراد أن يفتخر بحاضره وتاريخه الحديث ردد مايردده قادته آل سعود ومجتمعه السعوديين وآباءه الذين شاركوا في هذه الملاحم والإنجازات…ولن يستطيع أن يردد مايفتخر به غيرهم سواء بإرث عثماني أو بريطاني أو فرنسي أو انتصارات وهمية لعلج إرهابي يدعي إقامة الخلافة الإسلامية
يقول المستشرق الرحالة موريس جورنو "الاستقرار والأمن الذي أنجزه آل سعود بأنهم جعلوا الجزيرة العربية المكان الأكثر أمناً في العالم"
- انهيار النظام الملكي السعودي هو انهيار للعالم الحديث ككل:
قد يظن البعض أن في هذه الجملة مبالغة…لكن كل مطلع أدنى اطلاع على واقع الاقتصاد العالمي يعلم أن الجزيرة العربية أصبحت اليوم الرابط القاري الأهم بين الشرق والغرب…ويعلم أنها مصدر الطاقة الأكبر…وأن التبادل التجاري العالمي قائم على استقرار أسعار الصرف بالعملات القوية كالدولار والين واليورو التي تعتمد هي على استمرار تقييم النفط والمواد الخام والسندات بالدولار…وأي تغيير مفاجىء للتقييم سيؤثر على كل العملات والسلع حول العالم
_
قال الرئيس الأمريكي ترامب في 2018 "لن أدمر الاقتصاد العالمي بالتشدد تجاه السعودية"…حينها ظهرت مئات المقالات لتحليل تصريحه واستيعاب مدى صعوبة زعزعة استقرار النظام الملكي السعودي نظراً لنتائجها الكارثية على العالم
_
قال سمو وزير الطاقة في 2022 "العالم لن يستطيع تحمل اسبوعين أو ثلاثة بدون تدفق الصادرات النفطية السعودية"
_
هذا فقط في مجال النفط فضلاً عن المجالات الأخرى كالإمدادات اللوجستية والسندات الحكومية والمكانة الدينية والاستثمارية والإغاثية والمكانة الدبلوماسية كدولة عضو مؤسس في الأمم المتحدة وعضو مجموعة العشرين…ومستقبلاً بحول الله المكانة الصناعية والسياحية والبيئية والمائية والغذائية والرقمية ومصادر الطاقة المتجددة