لطالما أضحكتني الصور التي ينشرها البعض للمجتمع المصري أو الأردني أو الإيراني .. الخ في فترة الخمسينيات مثلاً ولباس النساء مطابق تماماً للباس المستعمر والمحتل السابق أو الحالي ثم يضع تعليقاً أسفل الصورة :
"هكذا كنا قبل الغزو الوهابي لبلادنا "
فالنضوة ( رجلاً كان أم امرأة ) اختار فترة قصيرة جداً من التاريخ لمجرد أنها توافق ما يريده هو واقتطعها وجعلها الأصل بل والمرجع المعياري الذي ينبغي الاعتماد عليه في قياس مدى كون المجتمع أقرب لهويته الوطنية المستقلة البعيدة عن الغزو "البدوي" أو " التركي" أو غيره ..
المثير للشفقة أن الفترة تلك كانت هي الفترة التي كانت ترزح فيها المجتمعات العربية تحت وطأة ضخ استعماري غير مسبوق في تاريخها وكانت نخبه وقياداته مصنوعة تماما بأيدي المحتل في جامعاته وكلياته العسكرية .. وكانت الولاءات فيها في العالم العربي مقسمة بين السوفيت والأمريكان* .
المضحك أن الذي يريد التفلت من 1350 عام ويتمسك ب50 عام ويعتبرها هي "الهوية الوطنية" بعيداً عن كونه يلقي نكتة سمجة أكاديمياً ، سيجد حجة ليلقي بتراث بلده ويتخلي عن جزء من هويته الحقيقية من خلال رميه على تراث آخر ..
أول وصولي لتركيا حصل نقاش بيني وبين امرأة يسارية بعد أن رأت شرطية محجبة فقالت :
- هذا ليس جيداً ، نحن الأتراك لا نرتدي هذا ، انظر إلى صورنا في الخمسينيات كل اللباس القصير والملابس البراقة ، هذا هي تركيا وهؤلاء هم الأتراك ، الحجاب هذا تراث عربي .