لقد طرح سائل سؤالا حول تغيير شروط الوقف الذي قام بإعداده، حيث وقف عقارا لخدمة القرآن الكريم عبر شراء المصاحف وبناء مراكز لتدريسه. يسعى السائل لفهم الظروف التي تسمح بتغيير هذا الأمر نحو تشييد مساجد أو حفر آبار.
وفقاً للمصادر الفقهية، يعد الوقف عقد صدقة لا زوال له بمجرد حدوثه. وهذا يعني أنه بمجرد إتمام عملية الوقف وفق الشروط اللازمة، تصبح ملكية العين موضوع الوقف محصورة في المنفعة فقط، بينما يؤدي الأصل (عين العقار) وظيفة دوام الثواب المستمر. أما بالنسبة للتصرّفات الأخرى مثل البيع والتبرع والإرث فهي ممنوعة تماماً.
ومهما كانت نوايا الواقف حسنة، فهو مطالب بالتمسك بشروط وقفه كما وضعها أصلاً. نصوص الشريعة تحظر تبديل حالة الوقوف سواء أتى بها الواقف بنفسه أو لا. لهذا السبب تعتبر "نصوص الواقف" ذات قوة تعادل قيمة النص القانوني الملزم للقيام بكل ما تحدده ضمن حدود العقد الأصلي للحفاظ عليه وعلى رسالته الخيرة.
وفي حين تقيد معظم التفسيرات الفقيهة حرية تغيير شروط الوقف، فقد رأى البعض استثناءً عند وجود ضرورة ملحة. مثال ذلك عندما يحتاج المجتمع المحلي بشكل أكبر للإغاثة الإنسانية من خلال دعم القضايا المتعلقة بالحرب والجهاد وكذلك الخدمات العامة المرتبطة بالأعمال الخيرية داخل المشاعر المقدسة وحول أماكن العبادات الرئيسية وغيرها الكثير حسب حاجة الوقت والمكان المعنيين. بالنظر لهذه الأمثلة التاريخية والاستنتاجات النظرية حول المرونة المحتملة، يبدو إذن مجال لإعادة توجيه موارد الوقف لقضاء أغراض جديدة طالما توافق تلك الغاية الجديدة لأهداف سامية تتوافق عميقاً مع روح الوصفة الأصلية. وفي حالتك تحديداً، ستكون استخدام أموال الوقف لدعم تعلم وتعليم القرأن عبر مختلف الدول الأفريقية وأراضي الشرق الأوسط ذات جدوى عالية نظرًا لحالة الذروة الحاليّة للأمة الإسلامية فيما يخض اهتماماتها الروحية والدينية - وهي واحدة من أولويات عديدة تستحق الدعوة إليها تحت راية أعمال البر والإحسان العامتين. ومع مرور الدهور قد يتغير زخم المجالات المختلفة للاستثمار تجاه مواجهة الاحتياجات الأكثر pressing وفي نفس الوقت تساهم باتجاه تحقيق الإنسجام الاجتماعي بدءًا بالأسرة الصغيرة وانتهاء بالعالم برمته. لذلك فإن توسعات جهوده المباركة نحو مجالات أخرى لن تبخل عليها بركات هديتها أيضا مادامت تراعي قاعدة العمل بالسابق والمعقول قدر الاستطاعة والفائدة المؤملة امتياز يحقق رضوان رب العالمين ويعظم مكانتك أمام خالق البشر جميعا.