- صاحب المنشور: رشيدة بن زيد
ملخص النقاش:
تُعدّ حركات الشباب ثروة هائلة للدول العربية الناشئة والشغوفة بالتغيير. هذه الأجيال الجديدة، التي نشأت وسط عالم متغير ومتصل رقميًا، تثبت يومًا بعد يوم قدرتها على التأثير والتأثر بالسياسة المحلية والظروف الاجتماعية. يشكل هذا الجيل تحديًا جذريًا للأنماط السياسية التقليدية، مما يدفع نحو ديمقراطيات أكثر شمولاً وتفاعلًا. ولكن كيف يمكن لهذه القوى الشابة تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ عليها؟ وما هي العقبات التي قد تعترض طريقها نحو مستقبل أفضل لشعوبها؟
في الأعوام الأخيرة، شهدنا موجات غير مسبوقة من الاحتجاجات والمشاركة الفعالة للشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كانت الربيع العربي مثالًا بارزًا لكيفية استخدام شبكات الإنترنت للتعبير عن الرأي والضغط على الحكومات لإحداث تغيير سياسي واجتماعي واجتماعي واقتصادي أيضًا. رغم أن بعض البلدان حققت تقدمًا ملحوظًا منذ ذلك الوقت - مثل تونس - إلا أنها تواجه الآن تحديات جديدة تتمثل بالحفاظ على مكاسب الثورة مع التعامل مع عدم الاستقرار الاقتصادي والأزمات الأمنية.
يمثل العنصر الأساسي لحركة الشباب طموحاتهم ورغبتهم في بناء مجتمع عادل يضمن حقوق الإنسان والكرامة لكل مواطن. إنهم يسعون لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز الحكم الرشيد، والقضاء على الفساد الذي اعتراه العديد من الدول العربية لعقود طويلة. ويتخذ هؤلاء المتظاهرون مختلف أشكال النضال: من تنظيم حملات مدنية تطالب بإصلاحات دستورية إلى خوض غمار الانتخابات البرلمانية مباشرة للمنافسة ضد الأحزاب الراسخة.
بالتوازي مع مساعي الشباب، تبرز أهمية دور المؤسسات التعليمية والثقافية في توجيه الوعي العام وزرع قيم المواطنة الصالحة والديمقراطية الفاعلة لدى الطلاب. فرغم وجود جهات مانعة تحاول الحد من حرية التعبير وإخضاع المحتويات التربوية لرقابة مطلقة، هناك جهود أخرى تسعى لتوفير بيئات منتجة تتوافق مع آمال وأهداف الرواد الأصغر سنّا.
العقبات والفرص
على الرغم من الإمكانات الهائلة للحراك الشعبي، فإن الطريق أمام الشباب محفوف بالمخاطر والعقبات الكبيرة. فبالإضافة للأخطار المرتبطة بمقاومة النظام القديم المعتادة، يوجد تهديد آخر يتمثّل بحالات الانقلاب العسكري واستعادة السلطة بالقوة فقط كما حدث مؤخرًا في السودان. بالإضافة لذلك، يحمل المجتمع الدولي والإقليمي مسؤولية مشتركة تجاه ضمان نجاح المسارات الانتقالية وتحويل المطالب الشعبية لمكتسبات فعلية.
إن فهم طبيعة ودور الطبقات المختلفة داخل المجتمع الضروري لفهم أفضل لما يجري حالياً. فالطبقة الفقيرة ليست مجموعة متجانسة بل تتكون من أفراد ذوي خلفيات متنوعة اقتصاديا وثقافيا ووطنيا أيضا. وبالمثل، ينقسم الوسط السياسي بين دعاة للإصلاح تدريجيا مقابل مؤيدي التغيير المفاجئ.
وفي نهاية الأمر، يبقى رهان الشباب قائمًا على قوة المثابرة والصمود وجهود العمل المشترك لبناء دولة قائمةٌعلى حكم القانون واحترام الحقوق المدنية والمدنية.