- صاحب المنشور: نذير بن صديق
ملخص النقاش:
تثير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة مجموعة مثيرة من الفرص والتحديات التي تتطلب اهتماما دقيقا وبحثا متعمقا بشأن الجوانب الأخلاقية والمسؤولة. حيث أصبح للآلات القدرة على التعلم والاستدلال بطريقة مماثلة للإنسان بدرجات متفاوتة، فتح الباب أمام تطبيقات واسعة في مجالات عدة مثل الرعاية الصحية والإنتاج الصناعي والأمن القومي وغيرها الكثير. لكن هذا التطور جاء مصاحبا بقضايا أخلاقية واجتماعية معقدة تحتاج إلى حلول متوازنة تعكس قيم الإنسان وتعاليمه الدينية والقانونية.
في حين تعد بعض ميزات الذكاء الاصطناعي مفيدة للغاية لمنفعة البشرية جمعاء، فإن هناك مخاطر محتملة عند استخدام هذه التقنية دون ضوابط راشدة وضماناتها اللازمة لحماية حقوق الأفراد والكرامات الإنسانية ومصلحة المجتمع ككل. فالتجارب الحالية تشير إلى احتمالية وجود تحيز مبني داخل نماذج الخوارزمية بسبب بيانات التدريب غير الكاملة أو ذات الطابع الأحادي الجانب والذي يمكن أن يؤدي فيما بعد لتطبيق قرارات ظلما وفقا لهذا التحيز الذاتي بدون إدراك بذلك. بالإضافة إلى ذلك، فقد ظهرت قضية أخرى مرتبطة بتبعثر البيانات الشخصية وعدم قدرتها على الموازنة بين خصوصيتها واحتياجات الخدمات المختلفة للحصول عليها لاستخدام تلك المعلومات لأغراض دراسة حركات العملاء واتخاذ القرارات الاستراتيجية استناداً إليها.
لا يقتصر الأمر فقط على الآثار المترتبة مباشرة نتيجة للاستخدام خاطئ للنظم المعتمدة على ذكائها الصنائع بل يتعدى أيضاً لدورها المحتمل بإحداث تغييرات جوهرية جلية نحو سوق العمل الحالي ولأنظمة التعليم الحديثة كذلك؛ فالاستبدال الكبير للأعمال اليدوية المهدرة عبر توظيف آليات آليه أكثر فعالية سيحول بالتأكيد وجه الكثير من الوظائف المعروفة منذ القدم وقد يدفع بالحاجة الملحة لإعادة النظر بمناهج التربية الأكاديمية بغرض تهيئة أفواج جديدة بكفاءات مختلفة تستهدف بناء مستقبل أفضل تلبي حاجاته المستقبيلة.
ويجب التنبيه هنا لمبدأ هام وهو ضرورة المحافظة على الشفافية والمصداقية أثناء تطوير واستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لكشف أي وسائل خفية للتلاعب بها حتى يستطيع عموم الناس فهم تفاصيل عملها وتحليلاتها ومن ثم اتخاذ إجراءات مقابله مناسبة حسب ظروفهم الخاصة. وهذا يعني عدم التسليم المطلق لهذه الأدوات بلا حدود كما حدث سابقاً خلال حقبات سابقة شهدت هيمنة مطلقة لعناصر بشرية مؤثرة بشكل مباشر لكيانات لها نفوذ كبير غير مراعاة للمصلحة العليا للشعب بأكمله آنذاك.
وفي الختام، يلزم إيضاح بأن تحقيق توازن فعال يسمح باستثمار عظيم لما تقدمه الأبحاث العلمية حالياً خاصة مجال الروبوتات وأنظمة صنع القرار المدروسه بالذكاء الصناعي شرط يشترطه أساسه هو وجود نظام رقابي محكم يعنى بمراقبتها ومتابعة ارتكازها بالأخلاق الحميدة وقواعدها الشرعية الراسخة والتي تضمن تجنب اى انحراف قد ينجم عنه خطأ جسيم بعواقب وخيمة. لذلك يجب سن قوانين تنظيميه واضحه وصارمه لمساعدة الجهات الحكوميه المختلفه بحفظ الحقوق والحريات الأساسية لكل فرد ضمن مجتمعاتها بكل عدل وانصاف.