- صاحب المنشور: فخر الدين البكاي
ملخص النقاش:
تُحدث الثورة الصناعية الرابعة تحولات عميقة في عالم الأعمال والمجتمع بأكمله. تُعد هذه الفترة الحالية مثالًا بارزًا على مدى تأثير التقنيات الجديدة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية بشكل عام على ديناميكيات سوق العمل الحالي. يؤدي هذا التحول إلى تحديث الأدوار الوظيفية وتغييرها بشكل ملحوظ، مما يتطلب إعادة تقييم شاملة لكيفية إدراك الأفراد للمستقبل المهني وكيف يمكنهم مواكبة هذه المتغيرات باستمرار.
التأثير الأولي للثورة الصناعية الرابعة على سوق العمل
تبنت العديد من الشركات تقنيات الذكاء الاصطناعي وأتمتتها كجزء رئيسي من عملياتها التشغيلية لتحسين الكفاءة وتوفير الوقت وخفض التكاليف. وعلى الرغم من فوائد الأتمتة والإنتاجية، فإن لهذه العملية عواقب بعيدة المدى بالنسبة لسوق العمالة العالمية. أدت القوى العاملة الآلية الناجمة عن الثورة الصناعية الرابعة إلى انخفاض الطلب على بعض الوظائف ذات المستوى المنخفض التي كانت تعتمد بشكل كبير على مهارات يدوية بسيطة أو تكرارية. ومن ناحية أخرى، ظهرت فرص جديدة تتطلب مجموعة مختلفة تماما من المهارات وهي أكثر تركيزاً نحو حل المشكلات الإبداعية واتخاذ القرار الاستراتيجي.
الاختلاف النوعي في متطلبات سوق العمل حديثا
إن أهم ما يميز زمننا الحالي هو حاجة السوق إلى موظفين يتمتعون بمزيج فريد من المعرفة النظرية ومجموعة مناسبة من مهارات القرن الواحد والعشرين مثل التعلم عبر الإنترنت واستخدام البيانات وتحليلها وإعداد تقاريرها وصنع القرار الجماعي وغيرها الكثير. بالإضافة لذلك، تستمر روبوتات الخدمات اللوجستية والصناعة المصرفية والخدمات الصحية بتبني قدرات حوسبية متزايدة تدفع باتجاه استحداث وظائف قائمة على البرمجيات والحلول الرقمية. علاوة على ذلك، تواجه شريحة كبيرة من العمال المخاطر المرتبطة بفقدان أعمالهم بسبب عملية الأتمتة والتحديث المستمرة والتي تتطلب منهم البحث عن تعليم مستمر لتطوير معرفتهم وقدراتهم المهنية للتكيف مع متطلبات سوق العمل الجديد.
التدابير اللازمة لضمان بيئة عمل تضمن رفاهية الإنسان
باتباع منظور شامل لديناميكية سوق العمل الناشئة، يلزم اتخاذ عدة إجراءات لصالح المجتمع البشري ولا سيما فيما يتعلق بإيجاد توازن مناسب بين روبوتات آليّة وعناصر بشرية ضمن إطار تنظيم اقتصادي فعال. ويشتمل أحد المقترحات المثلى هنا على دعم سياسات التعليم الحكومية بهدف رفع مستوى مهارات السكان المحليين وتمكينهم من المنافسة الفعّالة داخل الأسواق الحديثة. كذلك تشجع تشجيع نمو القطاعات غير الرسمية -التي غالباً ما تكون أكثر مرونة وقدرة أكبر على خلق فرص عمل-. ويمكن أيضا تطوير خطط تأمين اجتماعي تغطي فترة البطالة المؤقتة أثناء انتقال الأشخاص إلى مزاولة مجالات تخصص جديدة لهم نتيجة لأتمتة تلك المجالات القديمة سابقاً. أخيرا وليس آخرًا، يكمن دور الحكومة أيضا في وضع معايير وقوانين لحماية حقوق العاملين وضمان عدم سوء استخدام تقنية الروبوتات ضدهم. إن دمج البشر مع الآلات بطريقة مسؤولة ومتوازنة أمر ضروري لمستقبل مجتمع قائم على العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية.