- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
في عالم يشهد تحولاتٍ متسارعة ومتنوعة ثقافياً واجتماعياً، يبرز نقاشٌ حيوي حول دور الحوار بين الديانات المختلفة. هل هو وسيلة لفهم بعضنا البعض وتقريب المسافات نحو السلام العالمي، أم أنه مجرد محاولة لتحقيق مصالح سياسية أو فكرية قد تؤدي إلى تشجيع التناقض والاختلاف المتطرف؟ هذا الموضوع المعقد يدفعنا لاستكشاف تعمق جذور الاختلاف الديني وكيف يمكن استغلالها لبناء جسور الثقة والحوار المثمر، أم أن هناك مخاطر قائمة تحدد مسارات هذه العملية.
يستند الفهم التاريخي للحوار بين الأديان غالباً على الاعتراف المشترك بالتعددية الروحية والاعتقاد بأن كل دين يحمل رسالة هامة للبشرية جمعاء. لكن الواقع الحالي يتطلب إعادة النظر فيما إذا كانت هذه الرؤية ثابتة وغير قابلة للتغيير، خاصة مع بروز التعصب الديني والإرهابي الذي يستغل اسم الدين لنشر العنف وعدم الانسجام. لذلك، فإن المفتاح لحوار ناجح يكمن ليس فقط في الاحترام المتبادل والمعرفة الأكاديمية حول اللاهوتيات والممارسات الدينية الأخرى، ولكن أيضاً في بناء علاقات شخصية تفضي إلى تفاهم عميق وإدراك مشترك للقيم الإنسانية الموحدة التي تتجاوز الحدود الرسمية للدين الواحد.
تُظهر التجارب الناجحة لإقامة حوار إيجابي عدة عوامل مؤثرة، منها: وجود قادة روحانيين ذوي رؤية مستنيرة وقادرين على عبور الجدران التقليدية؛ خلق فرص منتظمة لقاء وجلسات تبادل أفكار مفتوحة; تطوير مواد تعليمية شاملة تغطي أساسيات الكتب المقدسة لكل ديانة; وضع آليات لتقييم فعالية مثلثات الحوار ومراجعة أدائها باستمرار. ومع ذلك، فإن العديد من العقبات تقف في طريق تطبيق تلك الاستراتيجيات بنجاح, ومن أهمها: عدم رؤية القيادة السياسية للمصلحة العامة خلف نجاعة الحوار الديني وبالتالي ضعف دعمها له ماليا; انتشار الأفكار المغلوطة بشأن معتقدات الآخر عبر الوسائل الإعلامية الحديثة مما يؤدي لانعدام الثقة والعزوف عن التواصل; وأخيرا، مقاومة المجتمع المحلي انفتاح أبنائها بفهم دوافع واحتياجات جيرانهم المختلفين الذين يعيشون جنبا إلى جنب.
وإذا كنا نسعى حقا لرسم خطوط مستقبل مبني على سلام واستقرار عالميين, فلابد لنا من العمل بجد أكبر لتطوير منهج شامل متعدد الخطوات يندمج فيه جميع القطاعات الرئيسية - الحكومات والأوساط التعليمية والجماعات الدينية والشباب – بهدف تجذير فهم راسخ للإسلام وغيره من الثقافات العالمية داخل مجتمعاتنا الخاصة وخارج حدودها أيضا. إن تحقيق انسجام حقيقي بين الأمم يأتي اليوم أكثر إلحاحا حيث أصبح العالم قرية صغيرة مليئة بالمواطنون المرتبطون بمصائر مشتركة ويتأثرون بتغير أحداثها تأثيرا مباشرا. وفي ضوء هذه الحقيقة العلمية الجديدة ، فإن تكريس الوقت والجهد والنفقات المالية لتعزيز الحوار المقيم بين مختلف الطوائف سيكون بلا شك استثمار مصيري سيضمن بقاء البشرية كتجمع واحد موحد بعيدا عن التفرقة والخلاف المؤذي.