• صاحب المنشور: فخر الدين العروي
  
  ملخص النقاش:
  تعكس مسارحة تاريخ الأرض وتطورها مجموعة متنوعة غنية ومثيرة للاهتمام من الكائنات الحية التي احتلت العوالم المختلفة عبر مليارات السنين. ومن بين هذه الوجوه الغابرة للديناصورات مكان بارز؛ حيث ظلت لفترة طويلة المسيطرة الوحيدة للقطب الأعلى لنظام الإيكولوجي للأرض لمدة تزيد عن 135 مليون سنة منذ فترة الترياسي المتأخرة حتى نهاية العصر الطباشيري قبل حوالي 66 مليون عام.

تعتبر ديناصورات كروكودايلوس مثل كومبوسوروس وكارنوصوريس أكثر الأنواع شهرة لدى الجمهور بسبب حجمها الكبير وقدرتها الفائقة على الصيد والافتراس رغم وجود العديد من الأنواع الأخرى ذات الأحجام الأصغر بكثير والتي كانت تقوم بأدوار مختلفة داخل النظام البيئي. وعلى سبيل المثال، هناك مجموعتان رئيسيتان كبيرتان لتصنيف الديناصورات بناءً على خصائص هيكل عظماتها وهي الزواحف ثنائية الأرجل (الساوروبود) وزواحف رباعيات الأرجل الثابتة (التيرانوصورات).

وقد تركت الديناصورات تأثيرات هائلة ودائمة ليس فقط داخل نظامها الخاص ولكن أيضًا خارج نطاقها؛ فقد أدى انقراضها المفاجئ بعد الاصطدام الكوكبي الذي حدث قبل نحو 65 مليون عام إلى فتح باب واسع لتكاثر الفقاريات الحديثة كالطيور والثدييات وغيرها مما شكل مرحلة جديدة تمامًا لبناء الحياة النباتية والحيوانية كما نعرفها اليوم. ويعتقد بعض الخبراء أنه بدون هذا الانقراض الدرامي لأغلبية أنواع الديناصورات غير الطائرة لما عرف العالم الحديث بتعدداته الواسعة والمتنوعة حاليًا.

ومن الجدير بالذكر كذلك دور الديناصورات كمكون أساسي لإعادة تشكيل المناظر الطبيعية والساحل خلال فترات زمنية معينة أثناء عصر الدهر الوسيط؛ حيث ساعدت هذه العملاقة في نشر البذور والتراب والمواد الغذائية للمجموعات الحيوانية والنباتية الصغيرة حول مناطق جغرافية متفرقة وبالتالي تهيئة بيئات مستدامة قادرة على دعم المزيد من التنوع البيولوجي المستقبلي للإنسانية نفسها عندما تطورت لاحقا.

ولعل التأمل في آثار الديناصورات وعظمتها يخلق لدينا تقديرا عميقا وإجلالاً لهذه الشواهد القديمة التي تحمل رسائل أخاذة حول قابلية تكيف الحياة واستمراريتها على مدى ملايين الأعوام المنصرمة. إنها دروس قيمة لكل محب للتاريخ والحياة البرية يرغب برؤية الماضي والقريب منه بقلب مفتوح لعلم لا ينضب أبداً!