في الإسلام، يسوده مبدأ حفظ النفس والممتلكات والأنساب والعقل والدين. لذلك، عند النظر في قضية طلبهن لطلاقهن نتيجة لاستخدام أزواجهن العنيف ضد أبنائهن، يجب مراعاة عدة عوامل مهمة. الأصل الذي حدده الدين هو حرمة طلب الطلاق بدون سبب مشروع؛ فقد روي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها بغياً فحرام عليها رائحة الجنة". هذا الحديث يشمل حالات مثل الضرب والإهانة وغيرهما مما يؤثر سلباً على المرأة ويسبب لها الألم النفسي والجسدي.
ومع ذلك، عندما يكون موضوع التعرض للعنف ليس موجهًا للمرأة بشكل مباشر ولكن للأطفال بدلاً منها، تصبح الأمور أكثر تعقيداً. بينما لا يجيز القانون الديني للسيدة طلب الطلاق بناءً فقط على ذلك الأمر، يمكن اعتبار الأمر مشروعا إذا أدى إلى ضررها ومشاكل كبيرة فيها. ومع ذلك، قبل اتخاذ أي خطوة عملية نحو الانفصال، تنصح النساء بالتوقف للحظة والتمعن فيما يعنيه ترك المنزل بالنسبة لهم ولأطفالهن خاصة. أسئلة مثل "هل سينتهي عنفه عندما أغادر?" أو "كيف ستتأثر حياتنا اليومية بهذا القرار؟"، كلها تساهم بتقييم الوضع بصورة أفضل واتخاذ قرار مدروس بعناية.
ومن الجدير بالذكر هنا دور النصائح الإيجابية التي تقدم للأباء بشأن حقوق الأطفال وحفظ سلامتهم فضلا عن تفادي العقوبات الزائدة والقاسية عليهم والتي ربما تورث آثار نفسية مستدامة لدى الطفل. وفي النهاية، تجدر الإشارة لتوجيهات القرآن الكريم حول العدالة الربانية حيث تؤكد بأن حساب الجميع يوم القيامة سيكون بميزان العدل الكامل بلا نقص ولا زيادة ("ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا"). وبالتالي، حتى لو كانت عقوبة الآباء متوازنة وفق مقدار الذنب المرتكب من طرف الصغار، فالعدالة الروحية تشير لفكرة وجود مكافآت ورواتب قدرها الله سبحانه وتعالى أيضا لكل عمل صالح يقوم به أحد الأشخاص مهما صغر حجمه كالذرة الصغيرة مثلا.
وفي الأخير وليس آخر الأخبار، هناك قصة راويها رجل حضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأل عن كيفية التصرف أثناء عدم التزام عبيده بالأوامر والعقوبات المناسبة لهؤلاء الغير ملتزمين بالقوانين المنصوص عنها دينيا واجتماعيا وعائليا.. رددت الرسائل المقدسة رسالته الخاصة بكلمة واحدة وهي "تحسب محاسبة العقاب لهم مقابل عصيانهم لك هي مجرد كميات صغيرة بالنسبة لجرائم ارتكبت بحقوق الآخرين." وقال المتحدث نفسه بأنه استجاب لرؤية عالم نورانيا يتضمن الحرية الكاملة لجميع العبيد الذين كانوا تحت مسؤوليته المالية والمعيشية وقتئذٍ! وهذا يدل جيد جدا لقوة الرحمة والكرامة الإنسانية الموجودة داخل حدود المجتمع الإسلامي الأصيلة جدا منذ القدم وغاية الزمن الحالي بلا شك!!.