- صاحب المنشور: منصف بن غازي
ملخص النقاش:
في ظل التغيرات الكبيرة التي شهدها العالم الإسلامي عبر التاريخ، ظهرت مدارس فكرية مختلفة في فهم وتطبيق الشريعة الإسلامية. واحدة من هذه المدارس هي مدرسة "البُعْثِيَّة"، والتي تحمل اسم مؤسِّسها الشيخ عبد الوهاب بن محمد بن عبد الله الأشجعي المعروف بابن عربي المنصور -رحمه الله-. يُعتبر هذا المذهب أحد الفروع الأصولية داخل الإمامية الاثني عشرية، وقد لاقى قبولاً ومكانة خاصة لدى العديد من المسلمين الشيعة. وفي هذا المقال، سنستكشف دور مدرسة بعثية في فهم وتفسير القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، مع التركيز على مدى أصالتها مقارنة بالأفكار الجديدة أو الابتداعات الدينية.
التعريف بمدرسة البعثية وأهدافها الأساسية
مدرسة البُعْثِيَّة، والمعروفة أيضاً باسم "الفاطمية" نسبة إلى الخليفة الفاطمي أبي جعفر المنصور الذي دعم ظهورها عام 912 ميلاديًا/300 هجريًا، تهدف أساسًا لإعادة النظر وإصلاح حالات انحراف حدثت خلال فترة حكم بني أمية وبني العباس آنذاك بحسب وجهة نظرهم. تأسست المدرسة بشكل رسمي تحت رعاية الدولة الفاطمية كمحاولة لتجديد الدين وجذب المزيد من المتابعين للإسلام الشيعي الاثني عشري. يبرز هدفان رئيسيان لهذه الجهود المبذولة: إعادة التأكيد على مركزية أهل البيت عليهم السلام ضمن العقيدة الإسلامية واحترام تراث النبي محمد صلى الله عليه وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام. بالإضافة لذلك، سعوا أيضًا لاستعادة نقاء العقائد الأولي والتخلص مما اعتبروه انحرافات دخيلة مثل التشبيه والتمثيل والنقل والإرجاء وغير ذلك مما خالفه دليل الشرع قطعا ولم يقله قائله إلا مضطرا لامر جبرته الهويات الاجتماعية والدينية المقيدة له.
تأثيرات ابن عربشاه وعبد الصاحب الكوفي على تشكيل المذهب
لعب شخصيتان بارزتان أدوار هامة بتشكيل الموقف العام لمذهب البعثية؛ وهما: ابن العربشاه وابن عبداالصاحب الكوفي. خدم كلٌ منهما كنواب للأئمة اثنى عشرية خلال الفترة الزمنية ما بين القرن الثالث والخامس للهجرة. تركا بصمتيهما الواضحة والمؤثرة فيما يتعلق بفقه وثقافة المجتمعات المنتسبة للمدرسة الفكرية تلك حتى وقتنا الحالي. فقد قدم ابن العربي أفكار جديدة حول مسائل عديدة منها أحكام الطهارة والصلاة والحج وغيرها مستندًا لفهمه الخاص للقرآن الكريم ولحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع نهجه القويم وفق اعتقاداته الخاصة والتي شكلت جزء كبير من تكوينه معرفيًا وفكريًا منذ نعومة اظافره إذ نشأ وسط بيئة غنية بالعلماء الرواد الذين حملوا رايات العلم والعرفان بالحقيقة الاولى وهي حقيقة وجود حضرة الرحمان سبحانه وتعالى وحده لا شريك له وان جميع خلقه عباد موجودون بأمره عزوجل وملكوته مطلق القدرة والقوة والكبرياء جل وعلى. أما بالنسبة لعبد الصاحب الكوفي، فقد عمل جاهدًا لنشر تعاليم مذهبه الجديد بين أفراد مجتمع بغداد آنذاك محاولًا اقناعهم باتباع طريق الحق المستقيم كما رأى هو ذلك استنادآ لما ورد لديهم من كتب