- صاحب المنشور: ألاء الهاشمي
ملخص النقاش:
تكتسب حماية الأنظمة والموارد الرقمية أهمية متزايدة مع تزايد الاعتماد العالمي على تكنولوجيا المعلومات والبيانات. يعيش العالم اليوم بوفرةٍ هائلة من البيانات التي تُعرف عادة باسم "البيانات الضخمة"، وهي مصادر قيمة للمعلومات ولكنها أيضًا هدف مرغوب لمرتكبي الجرائم الإلكترونية. توصف هذه الظاهرة بالحرب الحديثة للأمن السيبري، حيث تتطور التهديدات باستمرار ويتطلب الأمر مواجهة استباقية ومتطورة للحفاظ على سلامة تلك الثروة الرقمية.
يتجلى هذا النشاط غير القانوني عبر مجموعة واسعة من الأساليب والقنوات. يعد الاختراق أحد أكثر الأنواع شيوعًا، والذي يتضمن الحصول غير المصرح به على بيانات حساسة أو الوصول إلى الأنظمة الحاسوبية بهدف تغييرها أو حذفها أو استخدامها لأغراض شخصية. يمكن أن يأتي ذلك بأشكال مختلفة؛ فقد يستغل مجرمو الإنترنت ثغرات البرنامج المعروفة أو نقاط الضعف الأمنية داخل الشبكة المستهدفة، وقد يلجأ البعض الآخر لاستخدام تقنيات التصيد الاحتيالي لكسب ثقة المستخدمين وضمان دخولهم إلى شبكاتهم الخاصة.
وفي الوقت نفسه، فإن زيادة حجم وتنوع البيانات المتاحة تعزز قدرة المجرمين على شن هجمات أكثر تركيزًا وأضرار أكبر. فمع ظهور الذكاء الصناعي والتعلم الآلي، طور القراصنة برمجيات متطورة تستطيع اختراق أنظمة الدفاع التقليدية بسرعة مذهلة وبإمكاناتها التشغيلية الفائقة. علاوة على ذلك، أدى الاتجاه نحو تبني الخدمات السحابية والحوسبة السحابية إلى خلق بيئة فريدة تشارك فيها العديد من الشركات خدمات البنية التحتية نفسها وكثيرا ما تقوم بتبادل نقاط الضعف المشتركة. مما يزيد احتمالية حدوث تسريب للبيانات عند تعرض أي جزء واحد للهجوم، حتى وإن كان خارج نطاق سيطرة المنظمة مباشرة.
ومع بروز هذا الواقع الجديد الذي يشكل تهديدا مستمرا، ترتكز ضرورة حل هذه المسائل على تعزيز التعاون الدولي واتباع نهج شمولي لحلول الأمن السيبراني. وينبغي لهذه الاستراتيجيات أن تأخذ بنظر الاعتبار الطيف الواسع للتكنولوجيات والأدوات الحالية والتي ستظهر لاحقا لتوفير أفضل درء ضد المخاطر الناشئة. كما أنه مطلوب أيضا تطوير قدرات جديدة لفريق الأمن السيبراني ذاته وذلك لتلبية احتياجات الدعم لمواجهة مثل هذه الهجمات المعقدة والمعاصرة. بالإضافة لذلك، هناك حاجة ملحة لإعداد وإعلام الجمهور حول مخاطر الانترنت وممارسات السلامة الرقمية المناسبة للحفاظ على سلامتهم الشخصية وممتلكاتهم. ولابد كذلك من تشديد الإجراءات القانونية الدولية لردع مرتكب جرائم الكمبيوتر العنيفة وتعقبها ومعاقبتها بشدة كجزء أساسي من تحقيق العدل الاجتماعي والتقدم المجتمعي العام. إن فهم واستيعاب طبيعة هذه المعركة الجديدة أمر بالغ الأهمية لصون عالم رقمي آمن ومستدام قادر على خدمة البشرية جمعاء وتحقيق مصالحها المشروعة بكل سهولة وأمان.