يعدّ الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده (رقم 19446) حول الأقوام العربية ونسبتها إلى الجنة موضوع جدلي بين الفقهاء والمحدثين القدماء والمعاصرين. في هذا السياق، يحكي الحديث عن تصريح للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بأن أقسى القبيلتين العربيتين هما نجران وبني تغلب، بينما يكون مذحج أكثر القبائل دخولا للجنة. وعلى الرغم من أهميته، إلا أنه أثارت تساؤلات حول مدى ملاءمة هذا التقييم العرقي للأمم الإسلامية الموحدة تحت راية الدين الواحد.
وعلى الرغم من أن بعض العلماء قد استبعدوا سلامة سند الحديث بسبب وجود رجال ضعفاء فيه، فإن العديد منهم مثل الحاكم والذهبي والعراقي والألباني حكموا بصحة وقوة سنده. ويبدو أن الغرض منه ليس تحديد مصائر كل فرد بناءً على أصله فقط، ولكن ربما لتوضيح تأثير الأخلاق الشخصية التي تعد أساس قبول الأعمال أمام الله عز وجل. فالرسالة الرئيسية هنا هي أن العمل الصالح والإيمان الخالص يشكلان مفتاح الوصول للجنة بغض النظر عن الانتماء الاجتماعي أو القبلي.
وتأكيدا لهذا الفهم، يمكن الرجوع لأيات قرآنية عديدة تؤكد هذه الرسالة الحساسة. تقول الآية الأولى في القرآن الكريم:"ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون." [النحل:97]. وأخرى مماثلة توضح مبدأ عدم تضييع أعمال المؤمن:"يا أيها الناس إننا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير".[الحجرات:13] لذلك يجب التأكيد دائما على أن جميع البشر يساوون أمام الله وإن اختلفت أصولهم وانتماءاتهم الدنيوية، فالميزان الوحيد هو التقوى والخير الذي يقوم به كل شخص بإخلاص وإيمان صادق.