- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
في عالم اليوم المتصل رقمياً حيث أصبح وجودنا على الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، ظهرت قضية جديدة وهي "الإرث الرقمي". هذا المصطلح يشير إلى كل المعلومات الشخصية التي يخلفها الفرد خلفه عندما يموت مثل البيانات الموجودة على الحسابات الاجتماعية, رسائل البريد الإلكتروني, الصور والمقاطع الفيديو وغيرها. هذه القضية تعالج العديد من التحديات الأخلاقية والتقنية المرتبطة بالحقوق والمعلومات الخاصة للأفراد حتى بعد رحيلهم.
تصاعد أهمية الإرث الرقمي مع زيادة اعتماد الناس على الخدمات والتطبيقات عبر الإنترنت. عندما ينتهي حياة شخص ما، قد يرغب عائلته أو وصيه في الوصول إلى محتواه الرقمي لإغلاقه أو حذفه أو ربما للحفاظ عليه كذكرى. ولكن هذا الأمر يعرض خرقًا محتملًا لوثيقة السرية التي سبق للمتوفي توقيعها والتي تحفظ خصوصيته خلال فترة الحياة وبعدها أيضًا. بالإضافة لذلك، هناك مشكلة تنظيمية وجديدة بالنسبة للشركات العملاقة ذات الأصول الهائلة والتي تمتلك بيانات شخصية بمليارات الأشخاص حول العالم. كيف يمكن لهذه الشركات التعامل مع طلبات العائلات والحفاظ الوقت نفسه على حقوق الملكية الفكرية؟ وهل يوجد قانون دولي موحد يحكم هذه المسألة؟
من الناحية القانونية، الوضع مختلف من بلد لآخر. بينما تسمح بعض البلدان للعائلة بالوصول الكامل لمحتوى الشخص الميت، تفرض أخرى قيود صارمة لحماية الحقوق الفردية حتى بعد الموت. فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأمريكية، توفر قوانين كاليفورنيا حق الوصايا الرقمية والذي يسمح للوصيين بإدارة المحتوى الرقمي بعد وفاة صاحب الحق الأصلي بناءً على رغباته المعلنة سابقًا. أما في بلجيكا، فقد أدخلوا تعديلات تشريعية عام ٢٠١٧ لتتيح لأبناء وأزواج المتوفي الحصول الشرعي على معلومات حساسة موجودة ضمن حساباته الإلكترونية شرط تقديم مستند تفويض قانوني بذلك. إلا أنها تبقى مسألة مثيرة للجدل نظراً لاحتمالية سوء استخدام تلك المعلومات واستغلالها بطريقة غير أخلاقية ضد ذوي القربى.
وعلى مستوى الأخلاق العامة والإسلامية تحديدًا، فإن إدارة وتوزيع ممتلكات الإنسان – بما فيها الممتلكات الروحية والعاطفية مثل صوره ومذكراته– أمر معروف جيدا منذ القدم ويتبع له طريق واضح سواء عند وفاته أو أثناء مرضه إذا كان قادرًا على التعبير عن رغباته الأخيرة كتابةً أمام شهود عدول. لكن فيما يتعلق بالممتلكات الرقمية الحديثة نسبيا، فإنه هنالك اختلاف كبير بكيفية النظر إليها مقارنة بالأمور التقليدية الأخرى المعروف تعريفاتها وقوانينها القديمة. هل تعتبر هذه الملفات مجرد ذكرى تاريخية خاصة أم إنها ملك خاص لنفس الشخص الذي صنعها ويجب احترام قراراته بشأن مصيرها المستقبلي بغض النظر عمّا يحدث له شخصيًا؟
كذلك تتداخل عوامل تقنية متنوعة بتحديد كيفية العمل الأنسب لهذا الجانب الجديد تماما من جوانب الوجود الإنساني الحديث. فكل شركة لديها سياسات وإجراءات مختلفة حسب نوع المستخدم ومبلغ الأموال المدفوعة لهم مقابل خدمات معينة وما إن كانت تلك الصفقات تخضع لقانون مدني محدد قبل الموافقة عليها مباشرة بواسطة المحامي الخاص بكل طرف متعاقد...الخ
بالإجمال، يعد استشراف آفاق الإرث الرقمي ضرورة ملحة بالنظر للتطور الحالي للشبكة العنكبوتية وانفتاح المجتمع العالمي نحو المزيد من الاعتماد التقني المشترك يوماً بعد يوم. ولابد هنا التأكيد بأن الموضوع ليس فقط متعلقا بحفظ الذكريات الشخصية وإنما أيضا مرتبط ارتباط