الألعاب الإلكترونية لتحقيق الربح: هل هي جائزة شرعاً?

في عالمنا المعاصر، انتشرت ظاهرة لعب الألعاب الإلكترونية عبر الهواتف الذكية بغرض تحقيق مكاسب مادية. ولكن، ما مدى مشروعيتها وفق الشريعة الإسلامية؟ للإجا

في عالمنا المعاصر، انتشرت ظاهرة لعب الألعاب الإلكترونية عبر الهواتف الذكية بغرض تحقيق مكاسب مادية. ولكن، ما مدى مشروعيتها وفق الشريعة الإسلامية؟ للإجابة على هذا التساؤل المهم، يجب أن نتذكر أن الأصل في العمليات المالية أنها مباحة طالما أنها لا تخالف القوانين الشرعية.

وفقاً للشريعة الإسلامية، لا يجوز الحصول على الأموال من خلال "القمار"، وهو مصطلح يشمل جميع أشكال المقامرة التي تعتمد على الحظ وليس المهارة. بشكل عام، يعد صرف المال مقابل فرصة الفوز بجائزة أمرًا محظوراً في الإسلام باستثناء حالات خاصة جداً مثل السباقات المشروعة وحفظ القرآن الكريم والسلوكيات الأخرى ذات الطبيعة المفيدة لأمتنا الإنسانية.

معظم الألعاب الإلكترونية اليوم ليست ضمن تلك الاستثناءات؛ فهي غالباً لا تعتبر جزءاً من جهود الحرب أو التدريب البدني أو المعرفي الذي يُعتبر مُستحق للأجور حسب السنة النبوية المطهرة. بالإضافة إلى ذلك، حتى عندما يقوم لاعب واحد فقط بدفع الثمن -كما يحدث في بعض هذه الألعاب حيث يدفع الشخص لتقبل تحدي آخر- فهذا قد يقع تحت بند "القمار".

مثلاً، يقول الإمام النووي: "إذا اشتراط المال من جانبين، فتلك مقامرة. ولكن إذا خرجه أحد المتباريين لإعطائه للمغلوب بينما يحافظ عليه إذا فاز، ليس بمقامرة... ولكنه اتفاق منافسة بدون آلات خاصة بالحرب." وهذا يعني أن أي نوع من المسابقة خارج السياقات التاريخية المعتمدة (مثل مسابقات سباق الخيل والإبل وسهام الرماية) تعد مشكلة قانونياً، حتى وإن كانت تُسمى منافسة وليست مقامرة حرفياً.

ومن ثم، فالخلاصة واضحة: معظم ألعاب الواقع الافتراضي المصممة لكسب المال غير مقبولة دينياً حسب تعاليم الإسلام. ومن جانب ثانٍ، يمكن اعتبار استعمال الأموال المكتسبة منها لغايات نبيلة كالصدقات أو الإنفاق على الطعام أو الأعمال الخيرية أمراً صالحاً طالما مصدر هذه الأموال نفسه غير مبرر دينيًا أصلاً.

إن فهم وفصل مثل هذه المسائل الدقيقة يستوجب الرجوع دائماً للاستشارة الشرعية المختصة للحصول على توجيه شامل ودقيق بالنسبة لكل حالة فردية.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات