في سؤال طرح حول قضية حساسة تتعلق بالدعوة إلى الإسلام، أكدت الفتوى الإسلامية بشكل قاطع عدم مشروعية ادعاء المسلم أنه كافر أو مشرك بغرض الترغيب والإقناع. هذه الفكرة قد تبدو جذابة لتحقيق غايات نبيلة، ولكنها في الواقع طريق ملتوي يقود إلى الابتلاءات الخطيرة.
تتجنب الشريعة الإسلامية أي شكل من أشكال الخداع أو التظاهر بما ليس كذلك. فالمعتقد المتلاعب بمكانته الدينية عرضة للموقف الذي يمكن فيه أن يكفر نفسه إذا عبر عن معتقداته الجديدة بزعم أنها "الكفر". وهذا الأمر ينطبق حتى لو كان نيته النقية هي تشجيع الآخرين على اعتناق الدين الحق. وبالتالي، سواء تعمد الشخص أو جهل حكم هذه التصرفات، فإنه لن يكون مبرراً له ارتكاب هذا النوع من المخالفات.
صراحة الشيخان ابن عثيمين وابن القيم واضحة هنا: إن قول شخص مسيحي مثلاً أنه "يهودي"، أو قول آخر أنه بريء من الإسلام، يعد تناقضاً مع الإقرار السابق بالإسلام، مما يعني خروج صاحب تلك الأقوال من دائرة الإيمان المؤكد. والحجة ليست في الغاية التي يسعى إليها المرء - وهي خيرية - ولكن الطريقة المستخدمة لتحقيقها يجب أن تكون مطابقة لأحكام الشريعة.
وفي النهاية، توصيتنا لكل مسلم صادقة دعوته للتوجّه إلى الطريق المستقيم والاستقامة فيما بين يديه وبين ربه سبحانه وتعالى، وأن يتذكر دائماً أن العدل والخير لا يعتمدان فقط على مدى صحة نوايا الأفراد ولكن أيضًا أمور أخرى منها كيفية تحقيق تلك النوايا.