من اللحظة الأولى لتكوينها، تبدأ أجسام مواليد المستقبل في الظهور والعناصر الرئيسية لها تتكون واحدة تلو الأخرى. أحد أهم هذه الأعضاء هو الرئة؛ تلك الخلية الصغيرة التي ستصبح قريباً جزءاً أساسياً لعملية التنفس عند الولادة. لكن متى تكمل مرحلتها الحيوية وتستعد للعب دورها الرئيسي؟ دعونا نستعرض هذه الرحلة الدقيقة مع بعض الحقائق العلمية المعززة.
بحلول نهاية الشهر الرابع تقريباً، وهو ما يعادل حوالي ثلاثة عشر أسبوعا من الحمل، تكون معظم مكونات الرئة قد تطورت بشكل أولي. هنا بدءا الجسم الهوائي والحويصلات الهوائية تصبح مرئية تحت المجاهر. ولكن هذا التطور ليس كافيا حتى الآن لأن وظيفة الرئة تعتبر غير مؤثرة بشكل كبير قبل الأسبوع العشرين إلى الثامن والعشرين حسب الدراسات الطبية الحديثة.
خلال الفترة بين الاسبوعين العشرين والثامن والعشرين، تمر الرئة بتحول هائل يعرف باسم "النمو الأوعية الدموية". تقوم فيه شرايين وجيوب جديدة بالتوسع داخل الرئتين مما يزيد القدرة على تبادل الغازات ومقاومة العدوى. كما يقوم الجلد الخارجي لفروة الطفل بحماية الرئتين ويعزلها تماما عن البيئة الخارجية لحماية الجهاز التنفسي الناشئ.
ومع دخول الطفل الشهر الأخير من مراحل الحمل، والذي يُعرف أيضا بالشهر التاسع، فإن الرئة قد وصلت تقريبا إلى ذروتها فيما يسمى بـ"الأداء الوظيفي"، رغم أنها تستمر في التحسن بعد الولادة بسبب التعرض للهواء الطلق والتغيرات الفسيولوجية المرتبطة بذلك. ومع ذلك، يمكن اعتبار فترة بين الأسبوع الثلاثون والأربعون هي الأكثر احتمالية لإكمال عملية نمو ونضوج الرئة بما يكفي لتمكين الطفل حديث الولادة من البقاء خارج الماء وبدء التنفس بمفرده بمجرد ولادته.
وبالتالي، بينما يسفر كل يوم جديد خلال فترة الحمل عن تغييرات كبيرة ومتنوعة للجسم المتنامي، فإن الأسابيع الأخيرة خاصة تشهد تحديثات حاسمة بالنسبة لرئتيه الصغيرتان - وهي علامتان مهمتان للإشارة إلى أنهما مستعدان لمغامرة الحياة الجديدة!