عنوان المقال: علم الله ليس جبراً: فهم علاقة العلم بالإرادة البشرية

في موضوع عظيم، يرتفع نقاش حول طبيعة علم الله وأثرها على حرية الاختيار لدى البشر. يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية أن الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء،

في موضوع عظيم، يرتفع نقاش حول طبيعة علم الله وأثرها على حرية الاختيار لدى البشر. يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية أن الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء، بما في ذلك ما سيكون في المستقبل. يقول الله تعالى في سورة الحج: "أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ". ومع ذلك، فإن هذا العلم الواسع ليس دليلاً على إجبار الله لعباده على القيام بأعمال معينة ضد إرادتهم.

إن عبارة "العلم الكاشف وليس المجبر" تعكس فهماً عميقاً لعلاقة علم الله بالحرية الإنسانية. فعلى الرغم من معرفة الله بكل الأمور، يبقى للإنسان الحق الكامل في اختيار أفعاله ورداته. وهذا يتضح من خلال الآيات الأخرى التي تؤكد مسؤولية الفرد عن أعماله وأفعاله، مثل قوله تعالى في سورة الكهف: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ... وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ".

تفسير الشيخ ابن تيمية لهذه المسألة يكمل الصورة بشكل رائع. حيث يشرح أنه حتى لو كانت الأعمال محددة ومكتوبة عند الله، فإن هذه المعرفة المكتوبة ليست جبراً لإرادة البشر. بل هي دليل على قدرة الله وحكمته، وتعزيز لحقيقته كمحدث للأحداث دون حاجتها إليه. وبالتالي، يستحق الناس الثواب والعقاب بناءً على اختياراتهم وأفعالهم الشخصية.

وفي الختام، يمكننا القول إن العبارة "علم الله هو علم كشف وليس جبراً" دقيقة وصحيحة تماماً. فهي توفر توازن بين القدر والإرادة الحرة، مما يساعد المؤمنين على تقدير حكم الله وعدالة نظام التشريع الديني الذي وضع أساساً لتحقيق الخير والفلاح للمؤمنين.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات