في الآية القرآنية الكريمة "وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" ([الأعراف: ١٥٧])، يناقش العديد من علماء الدين الإسلامي مدى تخصيص هذا النص بالمأكولات والمشروبات فقط أم أنه شامل لكل أنواع الضرر الذي قد يصيب الإنسان جسديًا ونفسيًا وفكريًا.
بعد دراسة متعمقة لتفسير الفقهاء القدامى والمعاصرين، اتضح أن الآية ليست محصورة فقط في الطعام والشراب. إن مصطلح "الخبائث"، حسب معظم التعليقات، يعادل المصطلحات الإسلامية الخاصة بالحرام أو المحرمات. وهذا يعني أن التحريم ليس محدودًا بالأمور الفيزيائية والغذائية، ولكنه يمكن أن يشمل جميع جوانب الحياة التي يمكن أن تكون ضارة بالإنسان.
استنادًا إلى تعليقات ابن الجوزي والقاضي القرطبي وغيرهم، تقفز الآية فوق حدود المواد الغذائية، لتشمّل أي شيء آخر - بما في ذلك العلاقات الاجتماعية والأعمال والأفكار والتصرفات - إذا كانت مضرة بطريقة ما. حتى لو لم تكن تلك المضايقات واضحة بصورة مباشرة عبر التأثيرات الجسدية، إلا أنها قد يكون لها تأثير سلبي كبير على الصحة العامة للإنسان.
كما أكد العلماء المعاصرون مثل فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي وفاكهة الفتوى الشيخ محمد بن إبراهيم والسعد، باستخدام الأدلة الأخرى مثل قصة سيدنا لوط عليه السلام في "وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ...إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ"، بأن مصطلح "الخَبائِث" هنا يصلح لفهم مجموعة واسعة ومتنوعة من الأفعال الشائنة والأفعال المنحرفة أخلاقيًّا والتي تعد ضررها أكبر بكثير من مجرد كونها مواد غذائية غير صحية.
وعندما يتم النظر إلى قاعدة التدليل التفسيري الإسلامي التي تنص على أنه عندما يحتمل اللفظ معاني متعددة بدون تناقضات، يجوز اعتبار كافة تلك المعاني صحيحة داخل السياق، ثم تصبح قضية الفاحشة الأخلاقية ضمن دائرة الحديث حول الخبائث منطقية ومقبولة تمامًا. باختصار شديد، توفر الآية الواسعة "وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" أساسًا شرعيًا قويًّا لاستخدامها كمبدأ توجيهي للحفاظ على سلامة الروح والجسم والفكر.