الحمد لله الذي هدانا لهذا، وبالله نستعين. في سياق سؤالك، يُعتبر تعليم موظفين يعملون لدى مؤسسات مرتبطة بالتدخين أمراً مشكوكاً فيه شرعياً. فالتمسك بتعاليم الدين الإسلامي يستوجب تجنب كل ما يمكن اعتباره دعمًا للأعمال التي تضر بصحة الإنسان وتتعارض مع مبادئه الأخلاقية.
وفقاً للشريعة الإسلامية، يعد تناول التبغ ومشتقاته مُحرماً، كما ينطبق التحريم أيضاً على تصنيعه، بيعه، شرائه ودعم هذه العمليات بشكل عام. وهذا بناءً على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على تعاون الأفراد فيما يبني ويحسن ويطور المجتمع بينما تنبذ الأعمال المنحرفة الضارة. وفي نفس السياق، يشير الحديث القدسي "لا ضرر ولا ضرار"، مما يؤكد أهمية تفادي إيذاء الآخرين بأفعالنا.
وعليه، فإن قيام المعلمين الجامعيين بتقديم خدمات التدريب لموظفين تابعين لشركة تبغ دون معرفتهم بمكان عملهم سابقاً، يضع هؤلاء المعلمين أمام تحدٍ شرعي مهم. فحتى وإن كانت عقود العمل تسمح بذلك، إلا أنه لا يجب تجاهل الواجب الأخلاقي والديني المرتبط بموقف كهذا.
من منظور اقتصادي ديني، المال المكتسب من خلال تقديم الخدمات التعليمية للموظفين الذين يقضون معظم وقت عملهم في تشجيع المنتجات المدمرة للصحة -مثل منتجات شركة التبغ- يكون مستحقاً للإعتبار الدقيق والتوبة عنه. وذلك لأن مثل تلك الأموال تُنظر إليها كجزء من العملية الاقتصادية المشوبة بالإثم.
وفي حالة وجود مال بالفعل نتيجة لهذه التجربة التعليمة، وفق المقترحات القانونية المتعارف عليها ضمن الفقه الإسلامي، هناك خطوات يمكن اتباعها للتطهير الروحي ومنها:
- التوبة النصوح عن أي ارتكاب محتمل للحرام بسبب عدم الكشف الكافي حول طبيعة الوظيفة الأصلية للمشاركين في البرنامج.
- استخدام هذا المال بطريقة توافق توجهات الخير والصلاح. مثال ذلك، can be used to support those in need, سواء عبر التبرعات الشخصية أو المساهمات الرسمية في جمعيات خيرية مسلمة معتمدة تركز على رعاية المحتاجين وتعزيز الصحة العامة داخل مجتمعاتها.
- إن كان ردّ هذا المال للشخص الأصلي أمر ممكن نظرياً، إلّا أن الأمر الأكثر صلاحية هنا سيكون إعادة الاستخدام المناسبة له بدلاً من تكرار الخطأ السابق عبر اعادة الأموال لأصحابها الأصليين الذين ربما سيستخدمونه مرة أخرى لتحقيق مكاسب مشابهة ولكن ممنوعة دينياً .
هذه الطريق تستند على أقوال العديد من رجال الفقه والجرح بما فيها آراء صاحب كتاب "مدارج السالكين". إنها توضح كيف يتم التوفيق بين متطلبات الحياة واحترام الأعراف والقوانين الدينية وعدم الاستمرار في القيام بالأفعال المخالفة لها حتى لو أدت لتبعات قانونية أولية.