- صاحب المنشور: الفقيه أبو محمد
ملخص النقاش:
تواجه المجتمعات اليوم تحدياً كبيراً يتعلق بالتوازن بين التطورات الحديثة في مجال التكنولوجيا والحفاظ على القيم والممارسات الثقافية والتاريخية. هذا التناقض ليس جديداً ولكنه أصبح أكثر وضوحًا مع تسارع وتيرة التغيير في الثورة الرقمية الحالية. فبينما تقدم لنا التقنية العديد من الفوائد مثل التواصل السريع والوصول إلى المعلومات، إلا أنها قد تتعارض أيضاً مع بعض القيم الاجتماعية والثقافية التي تعتبر ضرورية للحفاظ على الهوية الشخصية والجماعية.
على سبيل المثال، يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز الروابط الأسرية والعلاقات الإنسانية، لكنها غالبًا ما توفر فرصة لإهمال العلاقات الواقعية بسبب الانغماس الزائد في العالم الافتراضي. بالإضافة إلى ذلك، فإن سهولة الحصول على المحتوى عبر شبكة الإنترنت قد أدى إلى تغييرات كبيرة في كيفية تلقي المعرفة وفهم الثقافة الدينية والإسلامية، مما يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه المصادر الجديدة على فهمنا المتأصل لهذه الأمور.
من جهة أخرى، تعدّ التقنيات الحديثة حليفاً قوياً في تعزيز التعليم وتحسين الوصول إليه؛ حيث توفر البرامج التعليمية الإلكترونية فرص التعلم المستمر حتى لأفراد المجتمع الذين يعيشون بعيدا عن مراكز المدن الأكاديمية. كذلك، فإن الأدوات الطبية المتقدمة ساعدتنا على تحقيق تقدّم كبير في المجال الصحي وأمدتنا بإمكانيات علاج لم تكن متاحة سابقاً.
وفي نفس الوقت الذي نشهد فيه تطويراً غير مسبوق في مجالات الاقتصاد والعلوم والديناميكا السياسية بفضل استخدام الذكاء الاصطناعي والأتمتة وغيرهما من تقنيات الجيل الرابع للمعرفة، نجد أنفسنا نواجه خطر فقدان جوانب مهمة من حياتنا البشرية مثل الصداقة الحميمة والشخصية أو الشعور بالانتماء الأصيل للأرض وللطبیعة. وكثيرا ما يتم النظر إلى هذه اللحظات "الخارجة" عن رقميّة الحياة كنماذج نموذجية للنجاح الشخصي والسعادة الحقيقية.
بالرغم من الاعتراف بفوائد التكنولوجيا الواضحة والتي تتجاوز مجرد الراحة والكفاءة العملية لتشمل التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية أيضًا، تبقى هناك حاجة ملحة لتحقيق توازن صحي ومتكامل يحترم ويتكيف بشكل أفضل مع احتياجات الإنسان ومبادئه الخلقية والتوجهات الروحية والفلسفية السامية لدينا جميعا كمجتمع مسلم ملتزم بالقيم الإسلامية والمعايير الأخلاقية العالمية المشتركة للإنسانية جمعاء. إن الأمر يشابه الرسم بأنسب طريقة ممكنة لدمج الخطوط الملونة المختلفة بطريقة تضفي جمالا ولا تؤدي إلى اختلاط غير مرغوب به يؤثر بالسلب على جمال العمل الفني النهائي! وهكذا ينبغي علينا الآن رسم مستقبلنا الرقمي بطريقة تحافظ فيه كل جزءاته على تماسكه الخاص بينما تستمتع أيضا برفاهية التنسيق الناعم داخل المنظومة الكلية لشكل حياة جديدة تراعي كافة الجوانب المثلى لكل منها بلا استبعاد أي جانب لصالح الآخر ولكن بتنسيق مدروس يقود نحو حوار مثمر بين القديم والتحديث الجديد وما يستبطنه عالم الاجتماع الحالي المُليء بالتحديات الفرصة المفتوحة للتطور الصحيح المبني أساسه على أساس وجدرانه الأساسيان هما احترام الذات واحترام الآخَرْ أيضًا دون المساس بأي منهما بل وتعظيم دورهما سويا ضمن خانة واحدة نسعى من خلال رصدها لرسم خطوة واسعة وطموحة نحوتأسيس مجتمع عصري حديث يسايرُ روحَ الزمانَ وهو شامخٌ شامخة وقفة تاريخه وثراء هويتَه وعزة أخلاقه وقدسيه دينه وخيريته امتزجت فيها ثقافته بجدارة عالية وفي مزيج مبتكر رائع يجمع بين الإبداع الحداثوي والإخلاص التاريخِي ويحمله رسالة سلام للعالم اجمع.