في رحلتنا الروحية نحو القرب من الخالق عز وجل، يلعب الدعاء دورًا محوريًا في تقوية الرابط بين العبد وربه. هناك العديد من الأدعية التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتي تعتبر أقوى وأكثر استجابة عندما يتم تقديمها بروح إيمانية صادقة. دعونا نتعمق أكثر في بعض هذه الأدعية الفعالة وفقًا لما جاء في النصوص الدينية.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة"، مما يؤكد أهمية الدعاء كشكل أساسي من أشكال التقرب إلى الله. يعد دعاء الاستخارة أحد الأدعية المهمة التي يمكن للمسلم استخدامها عند اتخاذ قرارات كبيرة في حياته الشخصية أو العملية. يطلب المسلم من خلال هذا الدعاء من الله تعالى أن يساعدَهُ على اختيار الطريق الصحيح والمبارك له. يقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "إذا همَّ أحدكم بالأمر فلْيستَخِرْ". يُذكر فيه: "اللهم إنِّي أستخيِّرك علَمي وصوابِي في أمرِي كلِّه...".
ومن الأدعية الأخرى المستجيبه أيضًا، دعاء الضرّ والكرب والذي يعرفه الجميع بحروفه الأولى: "لا إلَه إلّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..." كما ورد عن سيدنا يونس عليه السلام حينما دعا بهذا الدعاء وهو داخل بطن الحوت. وقد أخبرنا رسول الإسلام أنه إذا قال المؤمن ذلك فهو مأجور حتى لو كان عاصيًا لأوامره سبحانه وتعالى.
وفي حالة الشعور بالضيق والحزن، فإن دعاء رفع البلاء ودفع الغموم يعد من أجمل ما يستطيع المرء قوله أمام خالقه العزيز القدير. فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن الرسول الأعظم أنه قال:"دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إلَه إلّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له."
بالإضافة لذلك، فإن الاعتراف بعدالة الأحكام الإلهية والتضرع إلى الرب الرحيم هي سمة مشتركة بين جميع المسلمين الذين يسعون لإرضائه جل وعلى. مثال واضح على ذلك هو حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها عندما مرض زوجها عبد الرحمن بن عوف وعجز الأطباء عن تشخيص حالته فقال لها: «إنَّ لي مالاً كثيراً وإنّي قد جعلت نصفه في سبيل الله ونصفه الآخر اليتامى والمساكين وابن عمٍّ لي لا وارث له غيره فأنت امرأة حسناء ليست لك حاجةٌ إليه فاذهبي إليه فاقدحي منه ما شئت». فرددت قائلة : سمعاً وطاعة يا أمير المؤمنين ولكن أنا امرأة غريبة ولم أتزوج رجلاً مثل أبي سفيان قط! ثم خرجت إلى الجبان فدعت بهذا الدعاء :"اللهم إن كانت حاجتي في الدنيا فاقضها لي وإلا فلا تؤاخذني بما فعلت". ولعل خير دليل على قبول هذا الدعاء هو تحسن صحة ابن عوف فور انتهاء ام حبيبة من دعائها ذاك.
ختاما، يجب التأكيد بأن قوة واستجابة الدعاء مرتبطتان ارتباطا مباشرا بالإخلاص والإيمان والصبر والثبات على طريق الحق والخير. فهي علاقة مخصوصة بين عبده ومعبوده تتسم بالتواضع والخشوع والاستكانة لله وحده لا شريك له حسب تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.