الوشم، وهو غرز الجلد بإبر وحشوه بالكحل أو غيره ليتغير لونه إلى الزرقة أو الخضرة، محرم بإجماع العلماء في الإسلام. هذا التحريم مستند إلى حديث نبوي شريف رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الواشمات والموتشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله".
يُعتبر الوشم تغييراً لخلق الله تعالى، وهو من تغيير خلق الله الذي نهانا عنه الإسلام. وقد فرق العلماء بين الزينة الثابتة الدائمة التي تغيِّر لون وشكل العضو وبين الزينة المؤقتة. فالأولى محرمة، وهي من تغيير خلق الله تعالى، والثانية مباحة، وهي من التزين المباح.
الوشم الدائم له ثلاث صور مجملة، وكلها لها الحكم نفسه، وهو التحريم. هذه الصور تشمل الطريقة التقليدية القديمة، واستعمال مواد كيميائية أو القيام بعمليات جراحية تغيِّر لون الجلد كله أو بعضه. وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن استخدام بعض المواد الكيميائية التي تغيِّر من لون البشرة، فأجاب بأن هذا التغيير الثابت حرام بل من كبائر الذنوب؛ لأنه أشد تغييراً لخلق الله تعالى من الوشم.
فيما يتعلق بالوشم المؤقت أو اللاصق، الذي يلصق على الجسم ويمكن إزالته بدون أي أثر يبقى، فإن حكمه يعتمد على طبيعة هذا الوشم. إذا كان هذا الوشم لا يغير لون الجلد ولا شكله بشكل دائم، بل هو مجرد زينة مؤقتة تزول بعد مدة، فإنه يكون مباحاً. ولكن يجب مراعاة أن لا يكون هذا الوشم على شكل ذوات الأرواح كإنسان أو حيوان، وأن لا تظهر هذه الزينة لرجل أجنبي عنها.
وفيما يتعلق بمن يريد الدخول في الإسلام ولكنه يعمل رساما للوشم، فإن دخول الإسلام فرض لازم ولا يحتمل التأخير أو التردد. يجب عليه أن يترك هذه المهنة فور إسلامه، لأن الإسلام يغرس في نفوس أتباعه اليقين بأن الله لا يرضى لعباده أن يغيروا خلق الله. ومع ذلك، فإن الإسلام يقدم قوة عجيبة تنتصر بها على النفس، وستجد حريتك وراحتك في امتثال أمر ربك والتضحية بالدنيا ومتاعها في سبيل إرضائه.
وفي النهاية، يجب على الموشومة أن تسارع إلى إزالة الوشم وتتوب إلى الله من فعله؛ إلا إذا خافت الضرر الفاحش من إزالته فتكتفي بالتوبة إلى الله مما فعلته. والله أعلم.