الحمد لله الذي أنعم علينا بكتاب الله وسنة نبيه، وجعل لنا من أهل العلم من جمع لنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتب صحيحة. صحيح البخاري ومسلم هما من أبرز هذه الكتب، حيث جمعا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريقة علمية دقيقة.
صحيح البخاري، الذي ألفه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، هو أول كتاب صنف في الصحيح المجرد، وهو كتاب جامع للمسند الصحيح من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه. أما صحيح مسلم، الذي ألفه الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، فهو كتاب آخر من الكتب الصحيحة التي جمعت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
على الرغم من أهمية هذين الكتابين، إلا أنهما لم يستوعبا جميع الأحاديث الصحيحة، كما صرح بذلك كل من البخاري ومسلم. فقد قال البخاري: "ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح لملال الطول"، وقال مسلم: "ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا". هذا يعني أن هذين الكتابين لم يقصدا استيعاب جميع الأحاديث الصحيحة، بل قصدا جمع جملة منها.
من المهم أن نلاحظ أن صحة الأحاديث في صحيح البخاري ومسلم لا تقتصر على السند فقط، بل تشمل المتن أيضًا. فالأحاديث المسندة في هذين الكتابين كلها صحيحة سندا ومتنا، ولكن صحة المتن أقوى وأظهر؛ لوجود بعض العلل في الأسانيد دون المتون. هذا ما أكده شيخ الإسلام ابن تيمية عندما قال: "كتاب البخاري أجل ما صنف في هذا الباب؛ والبخاري من أعرف خلق الله بالحديث وعلله، مع فقهه فيه".
كما أن جمهور متون الصحيحين متفق عليها بين أئمة الحديث، الذين تلقوها بالقبول وأجمعوا عليها. ومع ذلك، هناك بعض الأحاديث الصحيحة التي لم تدرج في هذين الكتابين، وذلك لعدة أسباب. فقد صرح كل من البخاري ومسلم بعدم الاستيعاب، كما ذكر ابن الصلاح في مقدمته على شرح صحيح مسلم.
في الختام، صحيح البخاري ومسلم هما من أهم الكتب الصحيحة التي جمعت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن يجب أن نلاحظ أنهم لم يستوعبا جميع الأحاديث الصحيحة. صحة الأحاديث في هذين الكتابين تشمل السند والمتن، وهناك أسباب عديدة لعدم إدراج بعض الأحاديث الصحيحة في هذين الكتابين.