الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
يُعتبر الدعاء بعد الصلاة من السنن المؤكدة في الإسلام، حيث وردت أحاديث نبوية تشجع على ذلك. فقد روى الترمذي (3499) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الدُّعَاءِ أَسمَعُ؟ قَالَ: (جَوفُ الّليلِ الآخِرِ، وَدُبُرُ الصَّلَواتِ المَكتُوبَاتِ)". ويُفهم من هذا الحديث أن الدعاء بعد الصلاة هو من السنن المشروعة.
وعلى الرغم من أن بعض العلماء قد فهموا أن ابن القيم رحمه الله يمنع من الدعاء بعد الصلاة مطلقاً، إلا أن كلامه واضح في استحباب ذلك لكن لمن جاء بالأذكار المشروعة بعد الصلاة أولاً. قال ابن حجر رحمه الله: "وفهم كثير ممن لقيناه من الحنابلة أن مراد ابن القيم نفي الدعاء بعد الصلاة مطلقاً، وليس كذلك، فإن حاصل كلامه أنه نفاه بقيد استمرار استقبال القبلة وإيراده بعد السلام، أما إذا انفتل بوجهه وقدَّم الأذكار المشروعة: فلا يمتنع عنده الإتيان بالدعاء حينئذ".
وبناءً على ذلك، فإن الأفضل أن يدعو الإنسان قبل تسليمه من الصلاة، وله أن يدعو بعد الصلاة، لكن لا يداوم على ذلك لعدم نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن يدعو بعد فراغه من الأذكار التي تقال عقب الصلاة فحسن، لأنه سيكون دعاء بعد عمل آخر هو الذكر.
ومن المهم التنبيه إلى أن دعاء الإمام لنفسه بعد الصلاة، أو دعاء أحد المأمومين لنفسه ليس من البدعة في شيء. أما الدعاء الجماعي -أي أن يدعو أحدهم ويؤمن الباقون- فهذا لم ينقله أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن خلفائه، ولا عن أحد من أصحابه.
وفيما يتعلق باستخدام أسماء الله لحاجة معينة، فإنه لا بأس بذلك، حيث قالت اللجنة الدائمة: "وللداعي أن يتوسل إلى الله بأي اسم من أسمائه الحسنى التي سمى بها نفسه أو سماه بها رسوله صلى الله عليه وسلم. ولو اختار منها ما يناسب مطلوبه كان أحسن، مثل: يا مغيث أغثني، ويا رحمن ارحمني".
ومع ذلك، فإن تكوين دعاء معين للدعاء به بعد الصلاة هو من البدع المحدثة. والأفضل هو الدعاء في الصلاة نفسها، في السجود، وقبل التسليم. وأما الدعاء بعد التسليم من الصلاة فلم يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الختام، فإن قراءة الآية: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْ