في قلب التاريخ القديم، نجد قصة امرأة استثنائية عرفت باسم ملكة سبأ، التي تركت بصمتها الإيجابية على صفحات التاريخ. ترجع هذه القصة إلى العهد الملكي العربي الجنوبي القديم، عندما كانت المملكة الواقعة جنوب الجزيرة العربية تحكمها النساء بشكل متكرر. واحدة من هؤلاء الحكام المتميزات هي بلقيس، المعروفة أيضًا بمسميات مختلفة مثل أثكن وبلقين وغيرها بحسب النصوص التاريخية المختلفة.
ولدت بلقيس وتولت الحكم بعد وفاة والدها، مما جعل منها أول حاكمة لسبأ منذ حوالي قرن قبل الميلاد. اشتهرت حكمها بالازدهار الاقتصادي والثقافي الكبير. تحت رعايتها، ازدادت التجارة الداخلية والخارجية لسبأ؛ فقد كانت المملكة معروفة بمنتجاتها الزراعية الغنية والتعدينية الثمينة بما في ذلك الذهب والعطور الطبيعية. بالإضافة لذلك، شهدت فترة حكمها تطويرات كبيرة في البناء والنقل والمياه.
ولكن ما يجعل قصتها أكثر رواجاً هو مواجهتها للإمبراطور الروماني سليمان بن داود عليه السلام. وفقا للرواية الشهيرة، قامت بتوجيه رسالة إلي سليمان تسأل فيه حول قدرته على بناء بيوت بدون أعمدة كما جاء في الكتاب المقدس وفي القرآن الكريم أيضا. وقد أقنع رد سليمان لها بأن تتبع الإسلام وأرسل إليها هدية رائعة لإظهار غناه وعظمته كملك. هذا اللقاء ليس فقط أنه اعجب بها بسبب ذكائها وسلطاتها السياسية، ولكنه أيضاً أدى إلى إقامة علاقة دبلوماسية بين مسقط رأسها وما كان يعرف آنذاك بممالك الشام.
إلى جانب جوانب السياسة والحضارية, تُعتبر شخصية بلقيس رمزاً للمرأة القائدة المتفردة والقوية والتي حققت نجاحات بارزة رغم التحديات المجتمعية التقليدية خلال تلك الفترة الزمنية. إنها شهادة على قوة المرأة وكيف يمكن لها أن تؤثر تأثيراً عميقاً في مجرى أحداث التاريخ. وبالتالي فإن ذكرى ملكة سبأ تبقى محفورة في ذاكرة العالم كقدوة للمرأة المستقبلية المحبة للتقدم والفلاح.