تعدّ معركة القادسية واحدة من أهم المعارك التي خاضتها الدولة الإسلامية في القرن السابع ميلادي. حدث هذا النزال الاستراتيجي بين الجيوش الأموية والقوات الفارسية عام 636 م، بالقرب من مدينة كربلاء الحالية في العراق الحديث. تتسم هذه البقعة بتضاريسها الصعبة والمتمثلة بجبل القادسية المرتفع والصحراء الشاسعة الواقعة شرقياً منه. كانت القوات العثمانية تحت قيادة سيف الله خالد بن الوليد قد اختارت موقعاً استراتيجياً ذا طبيعة طبيعية قاسية يمكن أن يخدم أجندتهم بشكل فعال أثناء الحرب ضد الإمبراطورية الأخمينية السابقة.
كان اختيار جبل القادسية للقتال له جوانب عديدة؛ فهو يعطي للقوات المسيطرة عليه ميزة ارتفاع يمكن استخدامها لرصد تحركات الأعداء ومنع هجمات مفاجئة عليهم. كما أنه منح المسلمين فرصة لإشراك قوات الفرس في منطقة أقل سهولة بالنسبة لهم بسبب زحف المشاة الثقيل عبر الأرض غير المستوية وصعود المسافات الطويلة لأعلى المنحدرات شديدة الانحدار نحو مواقع الدفاع المحصنة للمسلمين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الصحاري المترامية الأطراف حول الجبل جعلت من الصعب على الجنود الذين كانوا يسيرون سيرًا على الأقدام تصعيد الهجوم بكامل قواهم نظرا لنقص المياه وطول الطريق الوعر المؤدي إليهما مما أدى إلى إرهاق جنود الفرس وفشلهم في الوصول بصورة منتظمة وبكميات كبيرة للتزامن مع موجات الضغط العدوانية للدفاع الإسلامي واتخاذ مواقف دفاعية متماسكة بدلاً من ذلك.
وبالتالي، تعد معركة القادسية نقطة تحول رئيسية ليس فقط لأنها أسفرت عن انتصار ساحق للإسلاميين ولكنه أيضا مثلت بداية نهاية الحكم الأخميني واستعماره للعراق الغربي والأجزاء الشرقية لشبه الجزيرة العربية آنذاك والتي تم تنظيم شعوبها وتوحيدها لاحقا ضمن حدود دولة الخلافة الراشدة الناشئة حديثا حينئذٍ. وقد لعب تصميم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين دور حاسم في رسم مسارات تاريخ بناء حضارة عربية جديدة ومزدهرة حافظت على تراث ثقافي غني وأصبح جزء لا يتجزء من هويتنا اليوم كنسبة مباشرة لهذه الانتصارات المدوية قطعت شوط كبير منذ قرون مضت ولكن لم ولن ينساها أبدا شعب المنطقة العربية حتى يوم القيامة باعتبار أنها تعتبر رمزاً للنضال الوطني والحريّة والكرامة الإنسانية المشتركة للأمم المختلفة التي تشترك جميعاً بروابط المصاهرة والعلاقات الاقتصادية والدينية الوثيقة ذات المغزى الروحي والمعنى العالمي العميق .