تعدّ سورة العنكبوت واحدة من سور القرآن الكريم التي تحمل أسماء تشير إلى أحداثها الرئيسية أو معجزات فيها. تتناول هذه السورة العديد من القضايا الدينية والأخلاقية، لكن ما يثير الفضول بشكل خاص هو سبب تسميتها بسورة "العنكبوت". يعود السبب الرئيسي وراء هذا الاسم الغريب نسبياً إلى آية محددة داخل السورة نفسها، وهي الآية رقم 41 والتي تقول: "وَأَشْرِكْهُمَا فِي الْأَمْرِ وَاجْعَلْ لَهُما مِن شَيْءٍ قَرِيبٍ". يشير بعض المفسرين إلى أن المصطلح العربي القديم للصوت الخافت المنبعث من شبكة العنكبوت يمكن ترجمته حرفيًا كـ"قريب"، وهو ما يجسد أحد جوانب المعنى هنا.
بالإضافة لذلك، فإن هيكل تنظيم الشبكات كما تصنعها العناكب قد استخدم كمجاز لإظهار بنية المجتمع الإسلامي المثالي وفق تعليمات القرآن. يُلاحظ التشابه بين الطريقة المترابطة والمزدهرة لهذه الأنظمة البيولوجية وبنية الجماعة المسلمة الراسخة والقائمة على الاحترام والتواصل.
ومن منظور آخر، قد تكون هناك إشارات رمزية أكثر عمقا مرتبطة بالتنوع والحكمة الإلهيّة. فالأنواع المختلفة للعناكب ومواقع تواجدها حول العالم توضح تنوع الخلق وتوجيه الله الحكيم لكل مخلوقاته، حتى تلك الصغيرة مثل العناكب. وهذا يعكس أيضا أهمية التفاصيل الدقيقة وأن كل جزء صغير في النظام الأكبر له دور حاسم يلعب فيه.
في النهاية، رغم البساطة الظاهرة لاسمه، إلا ان "سورة العنكبوت" غنية بنفحات روحية وفلسفية متعمقة تجذب القارئ لتمعن عظمة خلق الله وحكمته في خلقه.