تختلف آراء الفقهاء حول وجوب فدية الصيام للحامل التي أفطرت في رمضان. إذا أفطرت الحامل في رمضان ولم تقضِ ما عليها من الأيام بعد شهر رمضان، ثمّ أدركها شهر رمضان التالي، ففي هذه الحالة وجب عليها قضاء ما أفطرته من أيام، إلى جانب دفعها لفدية الصيام، وهذا باتفاق جمهور العلماء.
أما إذا أفطرت الحامل في رمضان بسبب خوفها على ولدها؛ فيجب عليها قضاء أيام فطرها إلى جانب الفدية، وإن خافت على نفسها بسبب الصوم فيجوز لها الإفطار في رمضان، وقضاء تلك الأيام دون فدية، وهذا باتفاق جمهور الفقهاء الذين استدلّوا بقول الله -تعالى-:(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ).
مقدار فدية الصيام للحامل هو إطعام مسكين عن كلّ يوم أفطرته الحامل، ومقدار إطعام المسكين هو مُدّ من قوت أهل البلد الغالب، كالقمح أو الأرز أو ما شابه. وقد قدر العلماء المُدّ بستمئة غرام (600غ)، وهو ما يساوي ما بين الستون قرشاً إلى دينار أردني عن كلّ يوم تفطره حسب ما حدّده بعض أهل العلم، مع ضرورة مراعاة اختلاف مقدار ذلك من بلد إلى آخر.
تجب الفدية على الحامل التي أفطرت خوفاً على جنينها بعد كل يوم تفطره، أو بعد طلوع فجر كلّ يوم تفطر فيه، ويجوز لها تأجيل دفع الفدية إلى آخر الشهر. أما إن أرادت تعجيل الفدية ودفعها قبل رمضان فلم يُجز الفقهاء ذلك، إلا عند أصحاب المذهب الحنفي.
على من تجب فدية الصيام؟ أوجب الله -تعالى- الفدية على من عجز عن الصيام عجزاً مطلقاً، ولم يستطع الصيام حتى بعد انقضاء الشهر الكريم، وهي تجب على كلٍّ مما يأتي: الشيخ الكبير أو العجوز الذي طعن في السنِّ، ولا قدرة له على الصيام، ويجد فيه المشقة والعناء، فتجب عليه الفدية عن كل يوم لم يصمه. المريض مرضاً لا يُرجى شفاؤه، أي أن يكون المرض مزمن ودائم، ويمنعه من الصيام؛ كالمُصاب بمرض السرطان مثلاً. الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهم بسبب تأثير الصيام عليهما، فتجب عليهما الفدية -كما أسلفنا عند بعض الفقهاء- إلى جانب وجوب قضاء الأيام التي حصل فيها إفطار. كلّ من أفطر برمضان بعذر إذا أدركه رمضان آخر دون قضاء؛ كالحائض التي أفطرت ولم تقضِ ما فاتها من أيام حتى أدركها رمضان آخر، فيجب عليها الفدية إلى جانب قضاء تلك الأيام، وذلك بسبب التهاون في القضاء مع وجود سعِة في العام كله.
وفي جميع الحالات، يجب مراعاة أن الله -تعالى- يعفو عن من لا يستطيع دفع الفدية أو الكفارة، كما قال -تعالى-: "لا يك