كانت حياة المسلمين الأولى مليئة بالمآسي والمعاناة بسبب إيمانهم بالإسلام. ورغم ذلك، ظلت قلوبهم متعلقة بهذا الدين بشغف، مستمدة عزائمهم من القرآن الكريم والسنة النبوية. إليكم بعض القصص المؤثرة التي ترسم صورة واضحة لتلك الروح الاعتزازية لدى أولئك الذين اختاروا الطريق المستقيم:
- محمد صلى الله عليه وسلم: عندما واجهه أهل مكة برفض دعوته للإسلام، لم يتزعزع إيمانه للحظة واحدة. بل وعندما حاولوا اغراءه بمباهج الحياة وزخارفها الزائفة، أبى إلا الاستمرار في طريق الحق والصواب. وكان جواب الرسول الكريم واضحاً وصريحاً عندما تحدّث لعماه بأنه ولو وضِعت الشمس في يده اليمنى والقمر في شماله مقابل ترك هذا الدين، لما تخلى عنه قط. وهذا التصميم الثابت يعكس مدى قوة ارتباط صحابي الجليل برسالته ونبيه الكريم.
- ربعِي ابن عمرو رضوان الله تعالى عليه: تميز موقف ربعي بصموده أمام محاولة الخصوم خداعه بالتزييف والتظاهر بالحضارة والثروة خلال لقائه براستم ملك الفرس. وصل ربعي إلى أرض المعركة وهو مرتديٌ ملابس بسيطة وسلاح يدوي وراكباً جواده الواهن. ومع ذلك، وبجرأة وشجاعة نادرتين، نادى رستم وجنده قائلا إن سيدنا محمد ضر بعثهم هدفا لإخراج البشرية من غياهب الظلام والاستعباد نحو نور الحرية والإيمان المطلق بأن دين الاسلام خير دين وأفضل نظام حكم للعالم اجمع.
- خبِّب بن عدي رضوان الله تعالى عنه: أثناء فترة اسره بناءً على قرار قبيلة أخرى بعد غزو بدر الشهير قام خبب بزيارة خاطفة لمنزل اهله ليباشر صلاة الضحى قبل ان يؤدى الى خارج المدينة وينفذت بحقه عقوبة الموت المتفق عليها بين الفريقين وقتذاك . وبعد الانتهاء من أداء الفرائض الدينية ، اعترف الرجل المكافح بعظمة موقعيته الخاصة تجاه الرب جل وعلى عبر الآيات الشعرية الجميلة التالية:" ولن أقلق لسماع خبر قرب مجيء ساعة نهايتي مهما كانت طريقة قتل خصومي لهذه المهمة خصوصا اذا اتيحت فرصة الوقوف امام العزيز الغفور... رباه احصه واحص جميع مؤذيي امتي كما وعدتنا وانعم علي بالنصر يوم الحساب" .
- زيد بن دثة: تعرض أيضا للاسر وكادت قوات الاعداء السابق ذآكرتهم التنكيل به وسط هتافاتها المدوية ضد شخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولكن ظهر ابان تلك اللحظات انهيار مقاومة الاعداء النفسية امام حكمة وخضوع زيد للرحمن الرحيم مما دفع ابو سفيان للاستعلام مباشرة :هل ستتمناه حالياً للعودة الي منزذك بامنه عوض ماتراه اليوم ؟استغرب البعض ولكنه سرعان ما تفطن لشدة تعلق القلب وحبه لكل مايعود بالنفع العام لنشر رسالت الخير والبذل والعطاء بلا حدود داخل نفوس اصحاب الدعوات الناصعة النموذجيين .
كل هذه المواقف التي تناقلتها صفحات التاريخ تعطينا درساً قيماً حول اهمية ثبات ايمان الانسان وتقديره لأصول ديانة تدعو للتسامح والحقيقة دون مفاضلة مطلقا مهما بلغت المقايضة مغرية جدا حتى ولو اختلف شكل حياته نظرا لاتخاذ القرار بمخاصمة طاغوت جهنم .