الإعجاز العلمي في وصف نزول الحديد في سورة الحديد

في رحاب القرآن الكريم, يأخذنا جمال اللغة والألفاظ المتضمنة لإعجازات عديدة لتكتشف العلوم الحديثة صدقها بدقة عجيبة. إحدى هذه المسائل المثيرة للاهتمام تت

في رحاب القرآن الكريم, يأخذنا جمال اللغة والألفاظ المتضمنة لإعجازات عديدة لتكتشف العلوم الحديثة صدقها بدقة عجيبة. إحدى هذه المسائل المثيرة للاهتمام تتعلق بالسورة السبعين والشمس, والمعروفة باسم "سورة الحديد". هاته السورة ليست مجرد ذكر لوحدة مادية حالكة اللون فقط, بل إنها تحمل في طياتها رسالة علمية متكاملة حول أصول وجود هذا العنصر الحيوي على كوكبنا.

﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمِيزَٰنَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُۢ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِۦ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25]

هذه الآية المباركة تقدم لنا معلومات دامغة حول كيفية تواجد الحديد على الأرض. يُشير استخدام حرف "أنزلنا" هنا بشكل واضح إلى عملية هبوط الحديد من الخارج وليس تكويناه داخل الكوكب نفسه. لقد كان هذا الاعتقاد غير معروف حتى اكتشافات نهاية القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين.

وفقاً لأبحاث الفيزياء الفلكية المعاصرة, فإن الحديد لا يمكن إنتاجه تحت الظروف الموجودة ضمن مجموعتنا الشمسية. درجة حرارته اللازمة للتكوين أعلى بكثير مما تستطيع شموس مثل شمسنا تقديمه – تحتاج إلى حوالي أربع مرات أكثر من سخونتها القصوى! بالتالي, ينجم عن ذلك أن المصدر الوحيد المعروف للحصول عليه يكمن خارج حدود نظامنا الشمسي. وفقاً لما أثبتته الدراسات الجيوفيزيائية الأخيرة, فقد جاء غالبية كتلتنا المعدنية عبر ضربات كويكبية ونيزكية ضخمة منذ مليارات الأعوام.

إن ارتباط اسم السورة بهذا الأمر ليس صدفة ببساطة، إذ تأتي سورة الحديد بالمرتبة رقم 57 في الترتيب القرآني, كما يعد وزن ذرة الحديد ذاته واحداً وخمسين نوويًا (56). وفي نفس السياق, يشير عدد الآية التي تناقش خصائص هذا العنصر تحديداً الى 25+1=26، والتي تعتبر أيضًا العدد المقابل للأعداد الذرية الخاصة بذرة الحديد. كل هذه البيانات تؤكد بلا شك دقة وصحة الرسالة التي نقلها الوحي الرباني قبل ظهور الوسائل التقنية الحديثة بمئات السنوات.

بالإضافة لذلك, توضح الآية التالية قدرتنا على الاستفادة العملية من هذه الخاصية القيمة: ﴿فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ومنافعه للناس﴾. فعند التحليل التفصيلي لجزيء الحديد, يظهر أنه واحد الأكثر انتشارا وتمتينا وصلابة ومتانة مقابل الضغط بين جميع المواد الطبيعية الأخرى. وهذا التشبيه البلاغي الرائع يؤكد مدى القدرة البشرية على استخدامه كمصدر للقوة والحماية ضد الخطر ("البأس الشديد") بالإضافة لاستخداماته العديدة اليومية المتنوعة("المنافع"). وبالتالي فهو رمز عميق يعبّر عن تأثير الديناميكية المغناطيسيه لقوانين الله وفوائده المباشره للإنسانية جمعاء.

وبينما يستعرض المرء بنيته التركيبية الداخلية وسلوكيات الاستقرار الحراري والفلكي، لن يفكر مرتين بأن هناك قدرة خالقة خارقة قادرة حقا علي خلق مثل هذا النظام الدقيق بما فيه حياة الإنسان وخلق الفضاء الرحيب أيضا .


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات