الحمد لله الذي شرع لنا أحكامًا تهدف إلى تحقيق العدل والمساواة بين الزوجين، ومن هذه الأحكام ما يتعلق بالاشتراط في عقد الزواج. في هذا المقال، سنستعرض حكم الاشتراط في عقد الزواج وفقًا للفقه الإسلامي، مع التركيز على الشروط المقبولة والمشروطة، وأحكامها في حال الوفاء بها أو عدم الوفاء.
في الفقه الإسلامي، يعتبر عقد الزواج عقدًا ملزمًا للطرفين، ويجب الوفاء بالشروط التي يتم الاتفاق عليها عند العقد. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" (رواه البخاري). هذا الحديث يوضح أهمية الوفاء بالشروط التي يتم الاتفاق عليها عند عقد الزواج.
من الشروط المقبولة في عقد الزواج ما يتعلق بحقوق الزوجة، مثل عدم الضرب أو الإساءة إليها، أو عدم الزواج عليها دون إذنها. قال ابن قدامة رحمه الله: "إذا اشترط لها أن لا يضربها، أو لا يسيء إليها، أو لا يخرجها من دارها أو بلدها، أو لا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها: فهذا يلزمه الوفاء به، فإن لم يفعل، فلها فسخ النكاح" (المغني 9/483).
كما يمكن للمرأة أن تشترط على زوجها ألا يضربها ضربًا مبرحًا، حيث يعتبر الضرب المبرح إساءة واضحة للمرأة. قال أبو عبد الله المواق: "الشروط: منها ما يقتضيه عقد النكاح منهما، وما لا يقتضيه ولا ينفيه: (وجاز بشرط أن لا يضر بها في عشرة وكسوة ونحوهما). عبّر ابن شاس عن هذا بقوله: لا يكره شرط مثل هذا، ويحكم به" (التاج والإكليل 3/518).
أما بالنسبة لشرط عدم الزواج على الإطلاق، فهو غير مقبول في الفقه الإسلامي، حيث أن الزواج الثاني مباح شرعًا إذا توفرت الشروط اللازمة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولو شرط عليها أن تحافظ على الصلوات الخمس، أو تلزم الصدق والأمانة فيما بعد العقد، فتركته فيما بعدُ: فله الفسخ" (الاختيارات الفقهية ص 219).
في حال عدم الوفاء بالشروط المشروطة في عقد الزواج، يكون للطرف الآخر الحق في فسخ النكاح. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا كان الأمر كما ذكر فإن للمرأة المذكورة الخيار في فسخ نكاحها منه، أو البقاء معه" (فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 10/149).
في الختام، يجب على الزوجين الالتزام بالشروط المشروطة في عقد الزواج، والوفاء بها لتحقيق العدل والمساواة بينهما. ومن المهم أن تكون الشروط متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لتكون صحيحة وملزمة.