كان عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمي أبو بكر الصديق رضي الله عنه أحد أعظم الشخصيات التي عرفها الإسلام. ولد قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بحوالي عشرة عشر سنوات تقريباً في مكة المكرمة، وتتمثل أهميته التاريخية باعتباره أول صحابي يدخل الإسلام بعد خديجة بنت خويلد وزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما جعله يلقب بصاحب الرسول والأمين.
اشتهر أبو بكر بالعديد من الصفات الحميدة مثل صدقه وأمانته وحسن خلقه وجرأته وشجاعته. كان يُعرف بين قومه بشخصيته الصلبة وبراعته التجارية، وكان معروفاً بتاجره واسع الحيلة والمال الغزير، وهو ما جعل له موضع احترام كبير بين قبيلته وقبيلتي بني هاشم وبني زهرة. عندما جاءت دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم للإسلام، لم تشكل هذه الدعوة مفاجأة لأبي بكر بل كانت تتوافق مع مزاجه الروحي والعقلاني. فقبل هذه الدعوة فور سماعه لها وبدأ يعين الصحابة الجدد ويقدم لهم الدعم العيني والمعنوي الواضح.
بعد وفاة زوجته الأولى قتيلة بنت عبد العزى، تزوج بثلاثة نساء أخريات: حبيبة أم عمر بن الخطاب، وهند بنت عتبة ذات النطاقين خلال غزوة بدر، ثم أسماء بنت عميس بعد سقوط الطائف. وكانت إنجاباته جميعهن ذكور باستثناء طفل واحد فقط وهي ابنة تُدعى أم كلثوم والتي توفيت صغيرة السن. وقد ورث عنها بعض المال الذي ضمه إلى ماله الخاص بالنظر لاحترامه الشديد لحفظ حقوق الأقارب حسب تعليمات الشرع الحنيف.
تولى الخلافة الإسلامية عقب رحيل الرسول الكريم مباشرةً ودافع عن الدين الجديد ضد اعتراضات ومعارضة البعض ممن رأوا عدم قدرته على تحمل مسؤوليات المنصب وذلك بسبب ظنه بأنه أقل شأناً مقارنة برفاقه من الأنصار وخلفاء المسلمين المستقبليين؛ لكن جهوده ومواقفه أثبتت أنه مناسب لهذه المهمة العظيمة. أشرفت فترة حكمه القصيرة نسبياً -وبلغ مجموعها ثلاث سنين وثمانية أشهر وعشرة أيام- على عدة أحداث مهمة مثل فرض الزكاة ونشر التعليم وتحقيق الوحدة السياسية للمسلمين وإرسال العديد من الحملات الاستكشافية خارج حدود الدولة الفتية وقتذاك. كما شهد عصره أول حملتين جواديتن هما فتح فارس وفارس.
إن مساهمة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في تاريخ الأمة الإسلامية تعد كبيرة جدًّا ولا يمكن إنكارها مهما اختلفت آراء المؤرخين حول أدواره العملية المختلفة داخل نطاق وظيفته الحكومية آنذاك وما صاحب ذلك من ارتداد قسم من قبائل العرب والإشاعات المغرضة المتعلقة بمقتل سيدنا عثمان بن عفان وغيرهما من الحوادث البارزة تلك الفترة الحرجة جدًا للدولة الوليدة حديثا حينئذٍ. إنه بالفعل مثال حي تستحق قصة حياته الدراسة والتقدير لما قدّمه للعالم بكل بساطة وإخلاص مطلق دون مقابل غير رضا الرب سبحانه وتعالى والدعوات الطيبة للخلائق جمعاء حتى يوم القيامة بإذن الله عز وجل!