عثمان بن عفان، الخليفة الثالث في الإسلام، يلقّب بشرفٍ مميز هو "ذي النورين". هذا اللقب لم يأتي عبثاً؛ بل يعود إلى قصة فريدة ومميزة في تاريخه الشخصي. إذ تزوج عثمان من ابنتَي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ رقية ثم بعد وفاتها أم كلثوم. وهذه الزيجتان جعلتا منه زوجا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وابن عم له أيضًا. كان لهذه الخطوة الروحية العميقة تأثير كبير على مكانته الدينية والقريبة من قلب الرسول الكريم.
إضافةً إلى هذه الرابطة الخاصة، فإنَّ اسم عثمان يعني بالعربية "الذي يُعزى للإله"، وهو ما يعكس تقديس النبي له منذ الصغر عندما غيّر اسمه من عبد الله لعبد العزيز قبل أن يستقر أخيرا على عثمان. كما شهدت حياته مواقف بطولية عديدة أثبت فيها إيمانه وشجاعته مثل مشاركته في هجرة المسلمين الأولى مع صديقه الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، بالإضافة لإخلاصه الثابت للدين حتى أثناء فترة خلافته التي طبعت بالعديد من الإنجازات البارزة ومن ضمنها توسيع الدولة الإسلامية وتنظيم الشؤون الداخلية والخارجية لها بشكل مؤسسي متطور آنذاك.
لقد جمع بين القيمة الأخلاقية العالية والحكمة السياسية الحازمة مما جعله شخصية مؤثرة جدا خلال الفترة التاريخية الحرجة المتزامنة مع تأسيس دولة الإسلام واستقرار دعائمها. ولذلك فقد استحق بذلك لقب "ذي النورين" تكريماً لشخصيته المتميزة وحياة مليئة بالنعم والعطاءات التي شكلت جوهر شخصيته الفذة والتي ظلت مصدر إلهام لكل الأجيال المسلمة عبر القرون التالية.