كان لسيرة عمرو بن العاص مكانته الخاصة في تاريخ العرب والإسلام، فهو ليس فقط قائداً عسكرياً بارزاً، بل أيضاً شخصية مؤثرة تركت بصمة واضحة على مسار الأحداث خلال فترة الخلافة الراشدة. وقد ساهم دوره الجليل كواحدٍ من قادتها العسكريين الأكفاء في تحقيق العديد من الانتصارات المهمة التي مهدت الطريق لدولة المسلمين المتنامية آنذاك.
اشتهر عمرو بن العاص بعدّة ألقاب زكتها إنجازاته البطولية وخبرته العسكرية الغنية. ومن بين هذه اللقب "فارس الإسلام"، والذي يعكس شجاعته وحنكته القتالية التي ميزته عن غيره. كما كان يُطلق عليه اسم "فارسي البادية"، وهو اللقب الذي يشير إلى أصله البدوي وتأسيس شخصيته الفذّة وسط الصحراء العربية قبل دخوله في الدين الجديد ودعم دعوته بشغف شديد.
بالإضافة لذلك، فإن تأثير عمرو بن العاص لم يقتصر على المجال العسكري فقط؛ فقد برع أيضا في مجال السياسة والدبلوماسية مما أكسبه احترام واحترام الجميع حتى خصومه. وعلى الرغم من أنه قد اشتهر بمواقفه الصريحة وميله نحو الحزم إلا انه أثبت قدرته على التعامل مع حالات الانقسام والصراع الداخلي بحكمة وحنكة نادرتان لدى الكثير ممن سبقه ممن تولوا مثل تلك المواقع ذات النفوذ الكبير.
بعيدا عن مشواره المهني الناجح، يعد عمرو بن العاص مثال حي على التقوى والتدين في حياة الشخص العام والبارز اجتماعيا والتي تعكس مدى ارتباط المؤمن بالقيم الأخلاقية والعقائد الدينية بغض النظر عن وضعه الاجتماعي والموقع السياسي له. وهذا ما جعله يحظى بتقدير كبير وإعجاب عميق داخل المجتمع المسلم خارج نطاق ساحات الحرب وفي مجالات الحياة اليومية الأخرى كذلك. إنها حقا صورة مثالية للزعيم النموذجي الذي يتمثل فيه كل من الشجاعة والحكمة بالإضافة للإلتزام الروحي والاجتماعي الإنساني أيضًا.