تعدّ غزوة تبوك واحدة من أهم الغزوات الإسلامية التي قادها النبي محمد صلى الله عليه وسلم شخصياً. وسميت بهذا الاسم نسبة إلى مدينة "تبوك"، وهي منطقة تقع شمال غرب الجزيرة العربية، بالقرب من الحدود الحالية بين المملكة العربية السعودية والأردن. بدأت هذه الغزوة بتاريخ 26 رجب سنة تسع هجرية، الموافق لعام 635 ميلادي.
كان الهدف الرئيسي لهذه الغزوة هو مواجهة التحالف الروماني ضد المسلمين، والذي كان يضم عدداً كبيراً من القبائل اليهودية والعربية الأخرى. أعلن تحذير الغزو بعدما وصلت الأخبار إلى المدينة المنورة حول تجمع جيوش كبيرة تحت قيادة هرقل، الإمبراطور البيزنطي آنذاك. استعداداً للغزو، دعا الرسول صلى الله عليه وسلم جميع المسلمين للمشاركة، حتى أنه وضع يديه على كتفي ابنته فاطمة الزهراء قائلاً: "لا يحل لأحدٍ ننطلق معه إلا وأنتِ معي".
بالرغم من رحلة المشقة الطويلة، لم تنشب المعارك مباشرة بسبب عدم معرفة العدو بموقع الجيش الإسلامي الدقيق. ومع ذلك، ترك هذا الحدث أثراً عميقاً في القلوب، إذ تأكد المؤمنون مجدداً من عزم رسول الله وثبات إيمانه. وعندما اكتشف المسلمون وجود العدو بالفعل، قرروا العودة سالمين دون اشتباكات؛ مما يعكس حكمة النبي ودهاءه السياسي بالإضافة إلى قدرته الاستراتيجية الفريدة.
اختتمت غزوة تبوك بإسهامات عظيمة في تاريخ الإسلام، حيث ترسخت قوة الجيوش الإسلامية وكيف يمكن التعامل بحكمة وشجاعة مع التهديدات الخارجية. ومن هنا جاء وصف الصحابي المقداد بن الأسود للغزوة بأنها "الغزوة"، مؤشراً لعظمة الأحداث التي وقعت خلال تلك الفترة الصعبة.