من وضع النقط في المصحف: أبو الأسود الدؤلي والخليل بن أحمد الفراهيدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن مسألة وضع النقط في المصحف هي من الأمور التي لها تاريخ طويل في تاريخ الإسلام. وقد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن مسألة وضع النقط في المصحف هي من الأمور التي لها تاريخ طويل في تاريخ الإسلام. وقد ورد في القرآن الكريم نفسه وعد الله بحفظه، حيث يقول سبحانه: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر: 9]. ومن مظاهر هذا الحفظ أن الله تعالى هيأ له حفظة ضابطين وكتبة متقنين في كل عصر وفي كل مصر.

في بداية الأمر، لم يكن هناك نقط أو شكل للحروف في المصاحف، حتى جاء الخليفة الراشد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وفي عهده، انتشر الإسلام وكثر تابعوه من العجم وغيرهم، مما أدى إلى انتشار اللحن في لغة العرب وزيادة الأخطاء في القرآن الكريم. فشكا أبو الأسود الدؤلي - أحد كبار التابعين من أصحاب علي رضي الله عنه - إلى علي رضي الله عنه هذه الظاهرة، فعلمه مبادئ النحو، وقال له: "الاسم ما دل على المسمى، والفعل ما دل على حركة المسمى، والحرف ما ليس هذا ولا ذاك". ثم انح على هذا النحو.

بعد ذلك، وضع أبو الأسود الدؤلي النقط كضبط للقرآن. فكان يضع النقطة أمام الحرف علامة على الضمة، والنقطة فوقه علامة على الفتحة، وإذا كانت تحته فهي للكسرة. واستمرت الكتابة على هذا إلى أن جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي فوضع ضبطاً أدق من ضبط أبي الأسود. فجعل بدل النقط: ألفاً مبطوحة فوق الحرف علامة على الفتح، وتحته علامة على الكسر، وجعل رأس واو صغيرة علامة على الضمة. ثم جعل النقاط على الحروف لإعجامها وتمييزها فيما بينها.

وبذلك يكون أبو الأسود الدؤلي أول من وضع النقط للضبط في المصحف، ولكن هذا الضبط كان للشكل والضبط فقط. أما نقط الإعجام الذي بين أيدينا فأول من وضعه هو الخليل بن أحمد الفراهيدي. والله أعلم.


الفقيه أبو محمد

17997 Blogg inlägg

Kommentarer