الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري، أحد أبرز علماء الحديث في الإسلام، ولد سنة 206 هـ في مدينة نيسابور. رحل إلى الحجاز ومصر والشام والعراق في طلب الحديث، وكان أحد أئمة الحديث وحفاظه. اعترف علماء عصره ومن بعدهم له بالتقدم والإتقان في هذا العلم. من شيوخه الكبار إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، وسعيد بن منصور وغيرهم. ومن الذين رووا عنه الترمذي وأبو حاتم الرازي وابن خزيمة.

كان الإمام مسلم إماماً جليلاً مهاباً، غيوراً على السنة، تتلمذ على البخاري واستفاد منه ولازمه، وهجر من أجله من خالفه. وكان في غاية الأدب مع إمامه البخاري حتى قال له يوماً: "دعني أقبل رجلك يا إمام المحدثين وطبيب الحديث وعلله". أثنى أئمة العلم على الإمام مسلم، وقدمه أبو زرعة وأبو حاتم على أئمة عصره.

صنف الإمام مسلم كتباً كثيرة وأشهرها صحيحه الذي صنفه في خمس عشرة سنة، وقد تأسى في تدوينه بالبخاري رحمه الله فلم يضع فيه إلا ما صح عنده. جمع في صحيحه روايات الحديث الواحد في مكان واحد لإبراز الفوائد الإسنادية في كتابه، ولذلك فإنه يروي الحديث في أنسب المواضع به ويجمع طرقه وأسانيده في ذلك الموضع، بخلاف البخاري فإنه فرق الروايات في مواضع مختلفة. عدد أحاديثه بدون المكرر نحو 4000 حديث، وبالمكرر نحو 7275 حديثاً. وقد شرح هذا الكتاب شروحاً كثيرة، من أشهرها المنهاج في شرح الجامع الصحيح للحسين بن الحجاج، وهو للإمام النووي.

كان الإمام مسلم من أصحاب المنهج الصارم في اختيار الأحاديث الصحيحة، حيث قال: "ما وضعت في هذا المسند شيئاً إلا بحجة، ولا أسقطت شيئاً منه إلا بحجة". وقد اشتمل صحيحه على جميع أبواب الدين كصحيح البخاري. رتب الإمام مسلم صحيحه أحسن ترتيب، فهو يجمع ما يتعلق بالباب في موضع واحد بأسانيده التي يرتضيها.

يعد صحيح مسلم مع صحيح البخاري من أهم كتب الحديث النبوي الشريف، ويعتبر الثاني بعد صحيح البخاري في المرتبة عند جمهور المسلمين. وقد أثنى عليه العلماء لما فيه من التحقيق والاحتياط والتحري في الرواية، وتلخيص الطرق واختصارها وضبط متفرقها.

في الختام، يعد الإمام مسلم أحد أبرز علماء الحديث في الإسلام، وكتابه الصحيح من أهم المصادر التي اعتمد عليها العلماء في فهم الدين الإسلامي.