تُعتبر مساجد تركيا جزءاً أساسياً من تراث البلاد الثقافي والتاريخي العريق الذي يعكس عمق الروابط الدينية والثقافية بين الشعب التركي والإسلام. منذ الفتح العثماني وبداية عصر الإمبراطوريات الإسلامية، لعبت هذه المساجد دوراً حيوياً كمركز للتجمعات الاجتماعية والدينية. اليوم، تقدر الحكومة التركية وجود أكثر من 85 ألف مسجد موزع في جميع ربوع البلاد، مما يجعلها واحدة من الدول الرائدة عالمياً من حيث كثافة بناء المساجد.
تاريخياً، بدأ البناء المكثف للمساجد خلال فترة الدولة العثمانية حيث كانت المدينة الرئيسية للسلطان هي إسطنبول المعروفة آنذاك باسم القسطنطينية. هنا، تم تشييد العديد من أشهر المساجد مثل آيا صوفيا ومسجد السلطان أحمد الشهير "السلطان أحمد". بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، استمرت عملية البناء ولكن بمعدلات أقل بكثير بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد.
مع بداية الجمهورية التركية الحديثة تحت قيادة مصطفى كمال أتاتورك، شهدت سياسة الدولة نحو الدين تغييرات كبيرة أدت إلى انخفاض ملحوظ في إنشاء المساجد الجديدة مقارنة بالفترات السابقة. ومع ذلك، مع مرور الوقت وتغير السياسات الحكومية، زاد تركيز الدولة مرة أخرى على دعم وبناء المزيد من المساجد خاصةً في المناطق الريفية والمناطق النائية التي افتقدت لهذه المؤسسات الحيوية.
اليوم، تُعدّ المساجد ليس فقط أماكن عبادة بل أيضاً مراكز ثقافية واجتماعية تلعب دور مهم جداً في حياة المجتمع التركي. فهي تستضيف مجموعة متنوعة من الأنشطة بما فيها التعليم القرآني ودروس التربية الإسلامية بالإضافة إلى الفعاليات العامة المحلية والدولية الهادفة لتعزيز التفاهم المتبادل وتعزيز السلام العالمي.
في خضم كل هذا التاريخ الغني والمعاني العميقة المرتبطة بكل مسجد، فإن تقدير الحكومة لوجود حوالي 85,000 مسجد عبر تركيا ليس مجرد رقم، ولكنه شهادة فعلية على أهميتها باعتبارها رمزا للقيم والأخلاق الإسلامية داخل النسيج الاجتماعي للدولة.