وفقًا للنصوص الشرعية، هناك حكمة من وفاة أبناء الرسول صلى الله عليه وسلم الذكور في حياته. هذه الحكمة تتجلى في عدة جوانب:
أولاً، يذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب" أن أبناء الأنبياء ليسوا بالضرورة أنبياء، كما هو واضح في حالة نبي الله نوح عليه السلام. وهذا يوضح أن النبوة ليست وراثة بالضرورة، وأنها ليست مرتبطة بالوراثة من الأب إلى الابن.
ثانيًا، في حالة إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم، ورد النص بشأنه في عدة أحاديث صحيحة. فقد روى أحمد عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا". وهذا يشير إلى أن إبراهيم كان لديه القدرة على أن يكون نبيا لو عاش. ومع ذلك، فإن وفاة إبراهيم في صغره كانت من حكمة الله عز وجل، حيث أكدت النصوص أن الرسالة ختمت ولا نبيا بعده صلى الله عليه وسلم.
ثالثًا، شاء الله أن يموت أبناء النبي صلى الله عليه وسلم الذكور في حياته حتى لا يفتن بهم بعض المحبين، ويظنوا أن النبوة سيرثها أحد أبنائه كما كانت تورث في بني إسرائيل. وهذا يظهر خطأ من تنبئوا في حياته وبعد مماته.
رابعًا، أما الحسن والحسين رضي الله عنهما، فهما وإن كانا من أحفاد النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنهما لا ينتسبان إليه من جهة الأبوة، بل ينتسبان إلى أبيهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وبالتالي، لم يدَّعِ أحد لهما النبوة بعد جدهما من أمهما النبي صلى الله عليه وسلم.
خامسًا، الآية الكريمة "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم" (الأحزاب: 40) نفت أبوة النبي صلى الله عليه وسلم الحقيقية لأحد من المسلمين، وليس الأبوة المجازية. أبوة الرجل لأحفاده من جهة ابنته أبوة مجازية، بينما أبوة النبي صلى الله عليه وسلم لسائر المسلمين أبوة مجازية.
في الختام، فإن حكمة وفاة أبناء النبي صلى الله عليه وسلم الذكور تكمن في تأكيد ختم النبوة به صلى الله عليه وسلم ونفي توهم كون النبوة تنتقل بالوراثة بين الأب وأبنائه. كما أنها تظهر خطأ من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم.