يعدُّ الحديث النبوي الشريف أحد أهم مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم. ويتضمن هذا النوع من الأحاديث حديثاً خاصاً يُعرف باسم "الحديث القدسي". يختلف هذا المصطلح عما هو شائع لدى البعض حول تعريفه بأنه حديث نزل جبريل -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- مباشرةً مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقط بدون وجود واسطة بشرية بينهما؛ إذ إن هذه العبارة ليست سليمة تمامًا وفقًا لتعريف علماء الحديث المعتمدين.
في الواقع، يشير مصطلح "الحديث القدسي" إلى مجموعة محددة ومتفرقة من الأحاديث التي وردت على لسان الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم والتي تحتوي على كلام لله تعالى كما نقلها عنه سبحانه وتعالى بواسطة رسوله الأمين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. ويظهر ذلك جليا عندما تبدأ كل تلك الأحاديث بكلمة "قال الله..." أو ما يشابهها مما يدل بشكل واضح على المصدر الإلهي لهذه الأقوال. ومن الجدير بالذكر أيضًا أنها قد تكون غير موجودة ضمن كتابه العزيز ولكنها توضح أمور دينية مهمّة مفصلة أكثر للأحداث المتعلقة بالإسلام وبسيرة حياة المسلمين الأولى.
ومن خصائص الحديث القدسي أنه يأتي بصيغة الأمر والنواهي والإخبار والإرشاد وغيرها الكثير حسب السياق والحاجة الدينية للمجتمع المسلم آنذاك. وقد بلغ عدد أحاديث الباب نحو خمس وثلاثون حديثا تقريبًا وهي متداولة ومروية عبر العديد من كتب السنة والمراجع المعتمدة لديها مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن أبي داود وغيرها الكثير الأخرى ذات المكانة العلمية الرفيعة والسند القوي. وعلى الرغم من كون مضامينه مكتسبة ومعروفة كجزء أساسي من عقيدة المؤمن والمؤمنة إلا أنها تحمل طابعا روحانيا عميق التأثير والتأثر وهو دليل آخر على قوة تأثير الوحي القرآني وتعاليم الدين الحنيف بشكل عام ودوره المحوري في تشكيل شخصية الفرد المسلم وهويته الثقافية والدينية الخاصة به.