ذهب بعض العلماء إلى أن القضاء والقدر مترادفان، وهذا موافق لقول بعض أئمة اللغة الذين فسروا القدر بالقضاء. جاء في "القاموس" المحيط للفيروزآبادي (ص 591) : " القدر : القضاء والحكم" انتهى . وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما الفرق بين القضاء والقدر ؟ فأجاب " القضاء والقدر، هو شيء واحد، الشيء الذي قضاه الله سابقاً ، وقدره سابقاً، يقال لهذا القضاء ، ويقال له القدر " انتهى من موقع الشيخ.
ومن جهة أخرى، ذهب آخرون من العلماء إلى التفريق بينهما. فذهب بعضهم إلى أن القضاء سابق على القدر. فالقضاء هو ما علمه الله وحكم به في الأزل ، والقدر هو وجود المخلوقات موافقة لهذا العلم والحكم. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11/477) : " قال العلماء : القضاء هو الحكم الكلي الإجمالي في الأزل ، والقدر جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله " انتهى . وقال في موضع آخر (11/149) : "القضاء الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل ، والقدر الحكم بوقوع الجزئيات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل" انتهى .
وقال الجرجاني في "التعريفات" (ص174) : "القدر : خروج الممكنات من العدم إلى الوجود ، واحدا بعد واحد ، مطابقا للقضاء . والقضاء في الأزل، والقدر فيما لا يزال . والفرق بين القدر والقضاء : هو أن القضاء وجود جميع الموجودات في اللوح المحفوظ مجتمعة، والقدر وجودها متفرقة في الأعيان بعد حصول شرائطها" انتهى .
ومن العلماء من اختار أنهما بمعنى واحد إذا افترقا ، فإذا اجتمعا في عبارة واحدة : صار لكل واحد منهما معنى. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " القدر في اللغة ؛ بمعنى : التقدير؛ قال تعالى: ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) [القمر: 49]، وقال تعالى: (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) [المرسلات: 23]. - وأما القضاء؛ فهو في اللغة : الحكم. ولهذا نقول : إن القضاء والقدر متباينان إن اجتمعا، ومترادفان إن تفرقا؛ على حد قول العلماء: هما كلمتان: إن اجتمعتا افترقتا، وإن افترقتا اجتمعتا. فإذا قيل: هذا قدر الله؛ فهو شامل للقضاء، أما إذا ذكرا جميعًا؛ فلكل واحد منهما معنى. - فالتقدير: هو ما قدره الله تعالى في الأزل أن يكون في خلقه. - وأما القضاء؛ فهو ما قضى به الله سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير، وعلى هذا يكون التقدير سابقًا.
وبناءً على ذلك، فإن الفرق بين القضاء والقدر كما شرحه