إن الحديث عن "غراس الجنة" يخطف النفس نحو الآفاق الروحية العالية, ليبرز لنا أهمية ذكر الله عز وجل وكيف يمكن أن تكون لها ثمار روحية سامية وخالدات في جنات الخلد بإذن الله. يقول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فيما يشير إليه هذا العنوان الرائع: «ألَا أدُلُّكَ على غِراسٍ، هو خيرٌ مِنْ هذا؟ تقولُ: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، يُغْرَسُ لكَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ منها شجرةٌ في الجنةِ».
هذه الأذكار الربانية الأربع - سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر - ليست مجرد كلام فارغ ولكنها تحمل معاني عميقة وغنية تتخطى حدود الفهم البشري. إنها تكريم إلهي لهذه الكلمات التي تمثل جوهر العقيدة الإسلامية. فهي أكثر محبوبية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من جميع كنوز الدنيا وزخرفتها كما جاء في حديث آخر: «أحب الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر».
للذكر العديد من الفضائل والمزايا بما يفوق الوصف. أولاً, إنه مكفر للذنوب, محفوف بالإثابة والشكر الكبير لدى الله. ثانياً, ذكر الله يعد جزءاً أساسياً من حياة المسلم اليومية ويمكن القيام بها أثناء التنقل أو العمل أو حتى الراحة. ثالثا, يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم بأن الذين يكثرون من ذكر اسم الله هم الأكثر قرباً إلى الرحمة الإلهية والفوز بالأعمال الطيبة. بالإضافة لذلك, يساهم الدوام على الذكر في حماية المرء من نار جهنم ويكون مصدر ارتقاء وثبات أمام المصاعب والعقبات خلال حياته الأرضية.
كل كلمة منها تطرح قيمة فريدة ومفرداتها ذات دلالة رمزية عميقة. التسبيح يعبر عن نقاء القلب وانتفاء النقص والإثم عن الذات المقدسة للإله الواحد القادر. بينما يكشف الحمد عن تقديرنا لكل نعمه وفوائده المتعددة التي لا تعد ولا تحصى والتي تصنف تحت مظلة حكمته ومعرفته. بالتأكيد, الاعتراف بتعاظم قدرته جل جلاله عبر استخدام عبارة 'الله أكبر' يدل على إيمان راسخ وشامل برسالته والنبوة المحمدية. وفي نهاية المطاف, تؤكد هذه التعبيرات على توحيد الذات الربوبية خالق جميع مخلوقات الوجود من غير مشاركة لأحد معه مطلقاً. ويبدو تأثيرها واضحًا عندما تجتمع لتكون سبباً مباشراً لمشاركة شهرة المؤمن بين خلق الرحمن عند ذكره لهم فوق عرشه المبارك متزامناً بدوي سمعتم مشابه لدوي نحلات الطبيعية البرئية وسط زهرات الربيع النافرة بريقتها الأخاذ المنظر للعين البشرية! إن هذا المشهد الخيالي حقا يجسد التأثير الزاهر لمن يعمر قلبه بذكرياته القدسية دائمًا وابدا...