في يوم الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة من السنة الثالثة والعشرين للهجرة، شهد المسلمون حدثًا مؤلمًا ومؤثرًا في تاريخهم. فقد استشهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ﵁، الذي كان رمزًا للعدل والرحمة والإخلاص في خدمة الإسلام والمسلمين.
كان عمر ﵁ قد عاش حياة مليئة بالعطاء والوفاء، حيث أسلم في السنة الخامسة للبعثة النبوية، وكان إسلامه فتحًا للمسلمين. ثم جاءت هجرته إلى المدينة المنورة نصراً لهم، وأصبحت خلافته رحمة وبركة على الأمة الإسلامية. وقد عهد إليه الصديق ﵁ بالخلافة بعد وفاته، فكان عمر ﵁ خليفةً عادلاً ورحيمًا، قضى نحبه شهيدًا بعد أن طعنه أبو لؤلؤة المجوسي في صلاة الفجر.
قبل استشهاده، كان عمر ﵁ يتمنى الشهادة في سبيل الله، وقد خطب يوماً في الناس قائلاً: "اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، وموتة في بلد رسولك". وفي آخر حياته، رأى في المنام ديكاً نقرّه نقرة أو نقرتين، فأحس بأن ذلك دلالة على دنو أجله.
أما أبو لؤلؤة المجوسي، فقد كان غلاماً للمغيرة بن شعبة، وكان يعمل في الحدادة والنجارة. وقد استأذن المغيرة في إرسال الغلام إلى المدينة، فوافق عمر ﵁ على ذلك. ولكن الغلام اشتكى من شدة خراجه، فبين له عمر عدم كثرة خراجه. ثمّ استدعاه عمر مرة ثانية، فالتفت إليه الغلام متجهما وقال: "لأصنعن لك رحى يتحدث بها الناس". وعلم عمر أن الغلام يتوعده.
وفي يوم استشهاده، بينما كان عمر ﵁ يريد أن يصلي بالناس، إذا بالغلام أبو لؤلؤة المجوسي يتقدم إليه فيطعنه بخنجره ثلاث طعنات كانت إحداها تحت سرته. ثمّ بدأ جرح عمر بالنزيف حتّى غشي عليه، فنقله الصحابة إلى بيته. وعندما أفاق من غشيته، قال: "أصلى الناس؟" فأكمل صلاته رضي الله عنه وجرحه ما يزال ينزف.
بعد استشهاده، غسله ابن عبد الله ثمّ صلى عليه المسلمون، ثمّ حمل على سرير رسول الله، ونزل في قبره ابنه عبد الله، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف. وقد كانت وفاته في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، وعمره ثلاثة وستين سنة، وكانت مدّة خلافته عشر سنوات وستة أشهر وخمس ليال.
رحم الله عمر بن الخطاب ﵁، الذي كان رمزًا للعدل والرحمة والإخلاص في خدمة الإسلام والمسلمين.