تنوعت أسماء سور القرآن الكريم بناءً على مجموعة من المعايير المتنوعة والمبنية على حضور عميق للتاريخ والتوجيه الروحي داخل كل صفحة من صفحات هذا الكتاب العزيز. ينقسم سبب هذه التسميات إلى عدة فئات رئيسية تستند كل منها إلى جانب محدد من محتوى السورة نفسها.
في البداية، هناك تلك السور التي تحمل اسم إحدى القصص التاريخية الهامة المرتبطة بأنبياء الله وأحداث دعواتهم. فنرى مثلاً "سورة يوسف" و"محمد" و"يونس" وغيرها مما يشير مباشرةً إلى شخصيات نبيلة ضمن تاريخ البشرية كما رواه القرآن. وفي السياق ذاته، يأتي ذكر "الكهف"، وهو الأمر الذي يعكس أحد المواقف الجليلة لأصحاب الكهف الثمانية الذين اختاروا الاختفاء طلباً للتقوى والإيمان.
ومن جهة أخرى، يتمثل الجانب الثاني لتسمية السور في الربط بين بداية السورة وبداية اللفظ المستخدم فيه. فعلى سبيل المثال، تبدأ "سورة ضحى" بكلمة "وَالصُّبْحِ إذَا تَجَلَّى"، بينما تأتي عبارة "القارعة يُفوتهُ" كفتحة لسورة بشكل مشابه. وهذه الطريقة تعتبر دلالة واضحة ومباشرة لقوة اللغة العربية في تركيبتها ودلالاتها الداخلية.
بالإضافة لذلك، تضمنت مجموعة ثالثة من التسميات مرجعاً مباشراً للأحداث والمعجزات الخاصة بالنبي محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-. ومن أشهر أمثلتها هنا "الإسراء"، والتي تؤرخ لحادثة الإسراء والمعراج، فضلاً عن كونها شاهدة على قدرة خالق الإنسان وعظمته.
وفي اتجاه مختلف قليلا، استخدم مصطلح قسم الخالق سبحانه وتعالى للحصول أيضا على تسميات سورتين بارزتين هما "التين والشمس". وكذلك توظيف الحيوانات والعناصر الطبيعية كمصدر للإيحاء بالشرف والكرامة أدى لنشوء أسامي مهمة كتلك الخاصة بكلٍّ من: "الفيل والنمل والعنكبوت".
وأخيراً وليس آخرًا، تكشف لنا نهاية اليوم الآخر فرصة لمنح أهميتها وحضورها حتى عند انتهاء الحياة الدنيا؛ ولذا فقد ارتبطت أشعار الرعب الأخيرة بالحساب والحساب الأخير باسم سورتين أساسيتين هامتين لغاية النهاية: "الواقعة والجحيم".
بهذا الشكل، يمكن فهم طريقة اختيار وتحديد مسميات كل واحدة من سورة قرآن كريم باعتبار إنها هي ليست مجرد تسلسل عشوائي ولكن بصفته عملية ترابط منطقية ويعنى بها المجتمع الإسلامي منذ فترة طويلة جدًا.